الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
الطلاق قضية اجتماعية خطيرة، ومشكلة أسرية كبيرة لها آثار متعددة على الفرد والمجتمع، ولايزال البعض يمارس سلوكيات خاطئة، وعادات بالية في التساهل بلفظ الطلاق من أجل دعوة لوليمة غداء أو عشاء، اعتقاداً من بعضهم أن ذلك من باب الكرم وهو هدم للأسرة وكيانها، ويكون ضحيتها الزوجة والأولاد.
«الجزيرة» التقت مع مجموعة من المتخصصين والمتخصصات في العلوم الشرعية والشأن الاجتماعي والأسري، وذلك لمعرفة السبل الكفيلة لحماية المجتمع من تلك السلوكيات والتصرفات التي يقترفها البعض بشكل يحمل الكثير من طابع العادة أو اللامبالاة، وكانت رؤاهم على النحو التالي:
شرائط غليظة
تقول الأستاذة الدكتورة هيفاء بنت عثمان فدا/ رئيسة مجلس إدارة جمعيّة يُسر للتّنمية الأسريّة - عضو لجنة شؤون الأسرة والتنمية الاجتماعية التابعة لمجلس إمارة منطقة مكّة المكرّمة: تتمترس السلامة الفعلية -عقلية كانت أو قلبية- خلف متارس الوقاية من الخطل والاتقاء من الزلل، ناهيك عن الإيغال في ملامسة حجر الزاوية في ما شأنه تقرير مصير أو تبرير نفير، كملامسة العرى الاجتماعية، ومنها الزواج، الذي جعله الله خلق نفس من نفس لتكون زوجًا وسكنًا مصبوغة بالمودة والرحمة، ومن هنا كان الطلاق بتر لهذه الوشيجة المشحونة جذبًا وندبًا بين طرفي الزوجية، فأوجب الشارع شرائط غليظة للطلاق تربو على امتهان اللفظ بأي معنى كان، ما لم يكن تسريحًا بإحسان بعد إمساك بمعروف.
بيد أنّ للمجتمعات بشرًا ولغات شطحاتها التي تتأول العظائم بامتهان وابتذال تنمان عن أخطاء مجتمعية ولغوية أقرّتها المستويات المتدنية من التدين والمعرفة الحسية واللغوية، وما نسمعه من لفظة «عليّ الطلاق» إلا دليل على تسطيح وإهانة هذه الصلة العظيمة التي تروم معاني: السكنى والتّوادّ والرحمة.
وكما أنّ لكلّ داء دواء، فلهذا السلوك علاج يتّخذ عدّة مسارات ومستويات من التّربية والتّعليم بدءاً من الأسرة ومرورًا بالمدرسة والمسجد والمحفل والملتقى؛ لتبيان ما جهله الناس في هذا الشأن،
وتعظيم ما استحقروا أمره فيما يخصّ علاقة من أعظم العلاقات البشرية التي تحفظ أصله وتكثر نسله.
فقدان الأمان
وتشير الدكتورة أمل بنت محمد بنونه عضو مجلس إدارة جمعية «يسر» للتنمية الأسرية، والمستشارة المهنية في الحماية من الإيذاء: أن الطلاق يعتبر من القضايا الاجتماعية التي لها عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، وبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى الطلاق فإنه توجد أسباب تعود إلى الأعراف والتقاليد، وممارسة سلوكيات خاطئة بهدف الشهامة والكرم؛ كالتساهل بلفظ الطلاق، ورمي اليمين، والقسم بقول (علي الطلاق)؛ من أجل وليمة غداء وعشاء، وهنا يرخص الزوج العشرة الزوجية والحياة الهانئة الجميلة؛ بسبب عرف بغيض أدى إلى تفكك الأسرة وانعكس على أفرادها بآثار نفسية عميقة دائمة تؤدي إلى تحوّل حال الأسرة الآمنة المطمئنة وتثير الحقد والعداوة بين الوالدين؛ مما يؤثر بالسلب على نفسية الأبناء، ويتسبب في عدم استقرارهم النفسي، وازدياد احتمالية السلوكيات المنحرفة مستقبلاً، ويظهر التأثير النفسي والعاطفي على الأطفال في صورة القلق وكثرة التفكير السلبي الذي يزيد من شعورهم بالإحباط؛ خوفًا من العيش وحيدًا مستقبلًا أو فقدان الأمان.. إلى أين سيذهب، وأين سيعيش، وكيف سيكون حاله، وربما بعض الأطفال يشعرون بالحقد والغضب تجاه الأب؛ لأنّه السبب في هذا الانفصال، وهذا بدوره يؤثر على الجانب الاجتماعي للطفل، فتظهر لديه سلوكيات مثل اللامبالاة وعدم الرغبة أو الاهتمام بالنفس أو عدم الرغبة في التواصل مع الوالدين أو الآخرين بطريقة سليمة؛ مما يؤثر على حياتهم وعلاقاتهم المُستقبلية مع مرور الوقت، وعلى الآباء أن يعلموا بأهمية الأسرة ويتخلوا عن هذه العادة البغيضة حفاظًا على الأسرة فهي محضن آمن للتربية، ومشاعر الحب والحنان، وهي رحمة وتكافل وعدم الاستهانة باستقرارها من أجل عادات وتقاليد تغضب الرحمن.
التباعد العاطفي
وتؤكد الدكتورة الهنوف بنت عبدالعزيز الحقيل المستشارة الأسرية الزوجية والتربوية المصنفة (مركز أملي للاستشارات): أن الطلاق في مجتمعنا تزايدت نسبه ولو استعرضنا الأسباب لما كفانا سطور فهو يحتاج لدراسات وبحوث فضلاً عن ما طالبت به مراراً وتكراراً بتنظيم عمل دورات مسبقة قبل الزواج لما لاحظته في المجتمع ومن داخل العيادة ضعف مفاهيم الزواج، وما هو الدور المطلوب وتداخل في الأدوار أو صراع الأدوار فضلاً عن سهولة النطق بها وكأنها الحل الأول في المشكلات فخطوات علاج المشكلات الزوجية هنالك ضعف ملحوظ فيها مما ساعد في رفع نسب الطلاق المبكر وعدم رغبة أحد الطرفين أو عدم الوعي لكلاهما في ضرورة وجود مختص بينهم علماً ان الوزارة الآن تنضم العمل الاستشاري للمختصين عبر دورات تدريبية مكثفة بدأت خطوتها الأولى في اختيار مختصين في المجال ونخب ونتفاءل في القادم بالاستفادة من المختصين في المجال الأسري الزواجي والنفسي ونضمنه بشكل أكبر في علاج مشكلات الزواج والإرشاد الزواجي فيما قبل الطلاق، كذلك يحضر لذهني أنواع لطلاق ما قبل الطلاق يجهلها المثير تحدث داخل منازلهم حتى تتضخم وثم تنفجر كطلاق فعلي يشتت الأبناء منها: الطلاق العاطفي الصامت والتباعد العاطفي، وكذلك الطلاق الوجداني الذي من خلاله نلحظ أن العلاقة أصبحت باهتة مجرد حقوق وواجبات ويتخللها النفور أو الفتور وأحد الأنواع الأخرى الطلاق اللفظي الحواري ضعف الحوار بين الزوجين وقل التواصل العقلي والمشاركة وقد يتخلل الحوار بينهم فيروسات للحوار منها النقد الحدة التفرد بالرأي وغيرها هذه المؤشرات وغيرها كفيلة أن تهدم البيوت وهي جذور متسوسة داخل منظمومة هذه العلاقة القدسية، ويجب السعي للحلول قبل تفاقمها ووصولها للطلاق الفعلي.
اختلاف الطباع
ويقول الشيخ عبدالرحيم بن محمد بن إبراهيم الثميري، مشرف تربوي، مأذون الأنكحة: فحتى لا يقع الطلاق -وبهذه النسب المخيفة- نجد أنّ الإسلام حين شرع الزواج وضع الضوابط التي تمنع وقوع الطلاق وتجعل سعيداً قائماً على المودة والرحمة وحسن العشرة كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}؛ فحث على حسن اختيار كل من الزوجين لصاحبه، وقبل أن يقع الطلاق:
الأصل في الزواج كما ذكرنا هو المودة والرحمة إلا أنه تبعاً للطبيعة البشرية في الإنسان واختلاف الطباع بين الزوجين فقد يحدث بينهما ما يعكر الصفو ويكدر الحياة، وتستحيل العشرة وتتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق، ولهذا نجد أن الله سبحانه حث على إمساك النساء والصبر عليهن، وأنه عسى أن يكون فيه خير كثير، وهذا يدل على محبة الله للاتفاق بين الزوجين وكراهته للفراق، إلا أن الله تعالى أباح الطلاق عند الاحتياج إليه.
ويضيف الثميري قائلاً: إلا أن هناك خطوات يجب أن يتبعها الزوج والزوجة قبل إيقاع الطلاق، يقول تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، وقال تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}، وقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا}.
فهنا ثلاث خطوات قبل الطلاق وهي: الهجر ثم الموعظة ثم الضرب ثم الطلاق، أما إذا وقع الطلاق: فنحن حينما نتأمل في أحكام الطلاق في الإسلام، نجد أنّ الله تعالى حين شرع الطلاق جعل له أحكاماً متشددة كل ذلك من أجل الحفاظ على الأسرة، ومن تلك الأحكام الفقهية المهمة:
• جعل الإسلام الطلاق فجعله ثلاثاً من أجل أن يستطيع الرجل أن يراجع أهله دون عقد أو مهر جديدين بعد الطلقة الأولى أو الثانية قبل انقضاء العدة.
• كما حرم الطلاق أثناء الحيض أوفي طهر حصل فيه لقاء بين الرجل وزوجه.
• أمر أن تبقى المطلقة في بيت زوجها طيلة فترة العدة لعل النفس تهدأ ويعود إليها صفاؤها فتعود المياه إلى مجاريها.
خطورة التصرفات
ويقدم الأستاذ رزن السلمي كاتب سجل بوزارة العدل، ومستشار إصلاح ذات البين، ومأذون شرعي مصلح أسريّ. الطرق الكفيلة لمعالجة هذه التصرفات بطرق؛ منها:
أولًا: التوعية بخطورة هذه التصرفات على كيان الأسرة واستقرار ها وعلى وحدة المجتمع.
ثانيًا: سنّ القوانين التي تجرّم الاستهانة بكيان الأسرة، وتدوّن العقوبات التي تحد من هذه الظاهرة.
فإنّ الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
باب شر
ويشير الأستاذ هاشم البار المستشار الأسري إلى أن الطلاق كلمة عظيمة تهتز لها القلوب وتبكي من أجلها المُقل؛ فنجد البعض يطلق زوجته لأتفه الأسباب ومن غير بأس ولا حساب؛ فأصبح الطلاق كاللبانة يلوكها بين أضراسه يلفظها متى شاء دون مراعاة أو مبالاة دون معرفة لمعنى الحياة الزوجية وعظة هذا الرباط الغليظ، وأن هذا الطلاق هو باب شر ونذير ضرر على الزوجة والأبناء والمجتمع كاملا، وتؤول له من آثار سلبية وأضرار محسوسة وملموسة نتائجها خطيره وتبعاتها جسيمة أليمة.