خالد بن حمد المالك
إذا أردنا أن نتحدث عن العلاقات الثنائية بين روسيا وإيران فعلينا ألا يكون القياس بناءً على المؤتمر الثلاثي الذي عقد أخيرًا في طهران، وضم كلاً من روسيا وتركيا وإيران، فالعلاقات بين طهران وموسكو تأخذ مسارًا أبعد بكثير من الملفات التي كانت حاضرة ومجال بحث في القمة الثلاثية، وأن محاولات ترميمها لا تتحقق فقط من خلال توصل الدولتين لتكون اللغة الفارسية هي اللغة الثانية في التعليم الروسي، واللغة الروسية هي اللغة الثانية في التعليم الإيراني، وإنما هناك تفاصيل أخرى كثيرة ومهمة، ومخاوف تثير الارتباك في هذه العلاقات، ومهيأة لخلط أوراق هذه العلاقات في أي وقت.
* *
فهناك الملف النووي، حيث أثارت المواقف الروسية وتحديدًا في شهر مارس 2022م ومطالبها لطهران بالحصول على ضمانات مكتوبة لمواصلة تعاونها مع إيران بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية عقوبات اقتصادية ومالية قاسية على روسيا، والخوف من عرقلة الاتفاق المحتمل على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فالموقف الروسي في ظل هذه التطورات من المفاعل النووي الإيراني أصبح متأرجحًا، ولروسيا حساباتها الخاصة ومصالحها التي قد تكون مختلفة عما كانت عليه قبل الحرب على أوكرانيا.
* *
وإيران تدرك جيدًا، أن مطالب روسيا الاتحادية من طهران لم تأتِ من فراغ، وأنها تندرج في خانة المصالح الاقتصادية في مواجهة الأحادية الأمريكية، لكن كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة فإن بلاده لا تزال تنتظر من روسيا تفاصيل أكثر بشأن مطالبتها بضمانات أمريكية بعدم تأثير العقوبات الغربية المفروضة على روسيا لتعاونها مع طهران في إطار الاتفاق النووي.
* *
من بين التسريبات التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار وعلى محمل الجد ونحن نناقش العلاقة الروسية الإيرانية التي يشوبها الغموض، ونراها مرشحة للتقلبات، ما يجعل روسيا (ربما) تمارس ضغوطًا على إيران للتمهل حيال العودة للاتفاق النووي، لكيلا تتأثر روسيا سلبًا من عودة النفط الإيراني للأسواق العالمية، وهو إن حدث لا يصب في مصلحة روسيا في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها مع عملياتها في أوكرانيا.
* *
إن زيارة الرئيس بوتين لإيران، وعقد قمة ثلاثية بحضوره وحضور الرئيسين الإيراني والتركي يصاحبه خوف الجانبين من أن تتصدع العلاقات بين إيران وروسيا، في وقت تعاني إيران وروسيا كثيرًا بسبب تأثير العقوبات عليهما، وبسبب خروج الملف النووي من تأثيره في المساومة والمناورة على زحزحة أمريكا والغرب من مواقفهما من روسيا.
* *
وما يهمنا التشديد والتأكيد عليه أن العلاقات الروسية - الإيرانية لن يكون لها ذلك التأثير على أمن المنطقة، وأن زيارة الرئيس بوتين لإيران لن يكون لها أيضًا أي دور في معالجة الموقف المتصلب من أمريكا وإسرائيل بشأن الملف النووي الإيراني، فإما أن تقبل إيران بشروط ومتطلبات أمريكا، وإما أن تواجه المزيد من العقوبات، وربما استخدام معها القوة العسكرية سواء من أمريكا أو إسرائيل، أو منهما معًا.