«الجزيرة» - الاقتصاد:
واصلت أسعار النفط تراجعها على مدار الأسبوعين الماضيين حيث خيمت المخاوف المتعلقة بتعافي الطلب مرة أخرى على الأسواق.
وانخفضت العقود الآجلة لمزيج خام برنت دون مستوى 100 دولار أمريكي للبرميل للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر في 12 يوليو 2022 بدعم من قوة الدولار الأمريكي إضافة إلى فرض قيود جديدة لاحتواء تفشي فيروس كوفيد - 19 في الصين.
وتعادل الدولار مع اليورو للمرة الأولى منذ عقدين، بينما وصل مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته منذ 20 عاماً مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى. وتراجعت أسعار النفط على الرغم من الزيادة المحدودة لإمدادات الأوبك وكذلك من الولايات المتحدة ما أدى إلى تشديد أوضاع الأسواق، في حين أسهم استمرار فرض العقوبات على روسيا في تقييد تدفقات النفط من المنطقة.
جاء ذلك وفقاً لتقرير كامكو إنفست حول أداء أسواق النفط العالمية.
وكان لتوقعات تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد العالمي أثر ملحوظ على أسعار النفط مؤخراً. حيث أدت مخاوف الركود في دفع مديري صناديق التحوط لبيع عقود المشتقات المرتبطة بالنفط بما يصل إلى نحو 201 مليون برميل خلال الأربعة أسابيع الماضية، وفقاً للسجلات الصادرة عن ICE Futures وUS CFTC. إلا أنه على الرغم من ذلك، شهدت مشتقات المنتجات المكررة دعماً قوياً بسبب الطاقة الإنتاجية المحدودة وانخفاض مستويات المخزون.
وفي ذات الوقت، وصل معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 41 عاماً خلال شهر يونيو 2022 عند 9.1 في المائة، مما أدى إلى توقعات برفع أسعار الفائدة بشكل حاد خلال الأشهر المقبلة.
ووفقاً للتقارير، تعزى معظم زيادة معدل التضخم إلى ارتفاع تكاليف الوقود مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم بمقدار 200 نقطة أساس خلال الشهر. كما أدى ذلك أيضاً إلى دفع وكالة معلومات الطاقة الأمريكية لخفض توقعات الطلب على البنزين.
وفي أحدث تقاريرها لتوقعات الطاقة على المدى القصير، خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعات الطلب على البنزين لشهر يوليو 2022 إلى 9.07 مليون برميل يومياً مما يعكس تأثير ارتفاع أسعار الوقود على موسم قيادة السيارات.
من جهة أخرى، أدى تفشي فيروس كوفيد - 19 مجدداً في الصين إلى إغلاق العديد من المدن إلى جانب فرض قيود مشددة في عدد من المدن الكبرى. وانعكست القيود التي تم فرضها خلال الأشهر القليلة الماضية على بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من عام 2022 حيث نما بأبطأ وتيرة منذ أزمة كورونا بنسبة 0.4 في المائة. كما لوحظ ارتفاع عدد حالات الإصابة في أجزاء أخرى من العالم، إلا أنه نظراً لسياسة «صفر كوفيد الديناميكية» التي تطبقها الصين، كان التأثير في الطلب المحلي شديداً. وأثرت عمليات الإغلاق في واردات النفط في الصين التي وصلت إلى أدنى مستوياتها في 4 سنوات خلال شهر يونيو 2022 مع ارتفاع مخزونات النفط وانخفاض معدلات تشغيل المصافي.
وعلى صعيد العرض، كشف التقرير الشهري لمنظمة الأوبك عن زيادة قدرها 234 ألف برميل يومياً خلال يونيو 2022 لتصل الامدادات إلى 28.7 مليون برميل يومياً. وجاءت الزيادة بصفة رئيسية على خلفية ارتفاع إنتاج السعودية والذي قابله جزئياً انخفاض حاد في إنتاج ليبيا. إضافة إلى ذلك، زادت شكوك مراقبي النفط تجاه زيادة إنتاج الأوبك وشككوا في الطاقة الإنتاجية الفائضة للمجموعة التي تراجعت إلى 4.8 مليون برميل يومياً بنهاية يونيو 2022، وفقاً لوكالة بلومبرج. كما نشرت الأوبك أولى توقعاتها للعام 2023 والتي اشارت من خلالها إلى توقع نمو إنتاج السوائل النفطية من خارج الأوبك بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً. ومن المتوقع أن يأتي النمو بصفة رئيسة من الولايات المتحدة بزيادة متوقعة قدرها 1.1 مليون برميل يومياً.
وخفضت وكالة معلومات الطاقة الأمريكية توقعات أسعار النفط لعامي 2022 و 2023. وتتوقع الوكالة أن يصل متوسط سعر مزيج خام برنت إلى 104.05 للبرميل في عام 2022، أي أقل بنسبة 3.1 في المائة مقارنة بتوقعات يونيو 2022. اما بالنسبة للعام 2023، فمن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر مزيج خام برنت 93.75 دولار أمريكي للبرميل، أي أقل بنسبة 3.6 في المائة عن التوقعات السابقة. وارتفع متوسط أسعار النفط خلال شهر يونيو 2022. إذ ارتفع متوسط سعر مزيج خام برنت الفوري بنسبة 9.2 في المائة على أساس شهري ليصل إلى 123.6 دولار أمريكي للبرميل، بينما ارتفع سعر سلة خام الأوبك بنسبة 3.4 في المائة لتصل إلى 117.7 دولار أمريكي للبرميل.
وفي أول توقعاتها للعام 2023، ترى الأوبك وصول الطلب العالمي على النفط إلى 103.0 مليون برميل يومياً العام المقبل، بزيادة قدرها 2.7 مليون برميل يومياً.
ومن المتوقع أن يزداد الطلب من منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.6 مليون برميل يومياً متفوقاً على مستويات العام 2019 بينما ستسهم الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنمو قدره 2.1 مليون برميل يومياً.
وتفترض التوقعات تعافي الأداء الاقتصادي العام المقبل في كافة الدول الرئيسة المستهلكة للنفط إلى جانب تحسن التطورات الجيوسياسية على المستوى العالمي والتقدم في احتواء تفشي موجة كوفيد - 19 في الصين. وفيما يتعلق بفئات المنتجات المختلفة، من المتوقع أن يظل الطلب على البنزين والديزل ضمن قطاع النقل البري قوياً، هذا بالإضافة إلى دعم من الطلب القوي لقطاعي الصناعة والبتروكيماويات والانتعاش المستمر للطلب على وقود الطائرات بسبب تزايد الطلب على السفر الجوي في كافة أنحاء العالم.
ومن المتوقع أن ينمو الطلب من جانب الدول الأمريكية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.48 مليون برميل يومياً، كما يتوقع أن يزداد استهلاك الولايات المتحدة بمقدار 0.16 مليون برميل يومياً ليصل إلى مستويات ما قبل الجائحة البالغ 20.95 مليون برميل يومياً بدعم رئيس من انتعاش الطلب على وقود النقل ونواتج التقطير الخفيفة.
أما بالنسبة للدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فمن المتوقع أن تأتي كلا من الهند والصين في الصدارة كأبرز محركات النمو خلال العام المقبل بفضل انتعاش الطلب على وقود النقل والطلب القوي على الوقود الصناعي، بما في ذلك المواد الأولية لقطاع البتروكيماويات. وبالمقارنة، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب على النفط في العام 2023 بوتيرة أقل نسبياً تبلغ 2.1 مليون برميل يومياً ليصل إلى 101.3 مليون برميل يومياً.
عرض النفط
ارتفع الإنتاج العالمي من السوائل النفطية على أساس شهري في يونيو 2022، إذ تشير البيانات الأولية إلى زيادة قدرها 1.32 مليون برميل يومياً ليصل الإنتاج في المتوسط إلى 99.82 مليون برميل يومياً.
وتعزى الزيادة الشهرية بصفة رئيسية لزيادة الإنتاج من قبل روسيا والولايات المتحدة (+ 0.7 مليون برميل يومياً) بينما زاد إنتاج الأوبك بمقدار 0.2 مليون برميل يومياً.
وأبقت الأوبك توقعات نمو إمدادات السوائل النفطية من خارج الأوبك للعام 2022 دون تغيير يذكر وفقاً لتقريرها الشهري الصادر مؤخراً، إذ ظلت عند مستوى 2.1 مليون برميل يومياً ليصل المتوسط إلى 65.7 مليون برميل يومياً. إلا أنه على الرغم من ذلك، كشفت التوقعات عن رفع توقعات الإمدادات الصينية (+ 38 ألف برميل يومياً) وكندا (+ 21 ألف برميل يومياً) التي قابلها مراجعة نزولية لإمدادات النرويج (- 17 ألف برميل يومياً) وقطر (- 13 ألف برميل يومياً) والبرازيل (- 12 ألف برميل يومياً).
وللعام 2023، من المتوقع أن ينمو إنتاج السوائل النفطية من خارج الأوبك بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 67.4 مليون برميل يومياً.
ومن المتوقع أن تزداد إمدادات الدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً لتصل في المتوسط إلى 32.41 مليون برميل يومياً، بينما من المتوقع أن تزداد الإمدادات من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.2 مليون برميل يومياً، ليصل المتوسط إلى 32.57 مليون برميل يومياً.
ومن المتوقع أن تشهد إمدادات السوائل النفطية من الولايات المتحدة أعلى معدل نمو العام المقبل بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً، تليها النرويج (+ 0.24 مليون برميل يومياً) والبرازيل (+ 0.2 مليون برميل يومياً) وكندا (+ 0.2 مليون برميل يومياً).
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار 0.7 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 12.7 مليون برميل يومياً. كما أنه من المتوقع أن يزداد إنتاج سوائل الغاز الطبيعي والسوائل النفطية غير التقليدية بمقدار 50 ألف برميل يومياً لتصل في المتوسط إلى 5.44 مليون برميل يومياً في عام 2023. وبالمقارنة، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل المعروض النفطي العالمي إلى مستوى قياسي يبلغ 101.1 مليون برميل يومياً في العام 2023 بزيادة قدرها 1.0 مليون برميل يومياً.
إنتاج الأوبك
ارتفع إنتاج الأوبك من النفط بمقدار 234 ألف برميل يومياً في يونيو 2022 ليصل في المتوسط إلى 28.72 مليون برميل يومياً، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة منذ أبريل 2020، وفقاً للبيانات الصادرة عن مصادر الأوبك الثانوية. ووفقاً للأوبك، كانت الزيادة مدفوعة بصفة رئيسية بارتفاع إنتاج كل من السعودية والإمارات وإيران والكويت وأنجولا، وهو الأمر الذي قابله جزئياً تراجع إنتاج ليبيا وفنزويلا.
وعلى النقيض من ذلك، أظهرت بيانات الإنتاج الخاصة بوكالة بلومبرج انخفاض الإنتاج خلال الشهر بمقدار 120 ألف برميل يوميا إلى 28.6 مليون برميل يومياً في المتوسط.
وارتفع إنتاج النفط في السعودية بمقدار 159 ألف برميل يومياً ليصل إلى 10.585 مليون برميل يومياً في يونيو 2022 نحو (10.45 مليون برميل يومياً وفقاً لوكالة بلومبرج) فيما يعد ثاني أعلى معدل إنتاج منذ ديسمبر 2018.
وتأتي زيادة الإنتاج بعد أن تعهد أعضاء الأوبك وحلفاؤها بزيادة الإنتاج لكبح جماح أسعار الوقود في كافة أنحاء العالم خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأشار تقرير حديث صادر عن وكالة الانباء الكويتية (كونا) إلى إجراء السعودية والكويت لمحادثات خاصة بزيادة الإنتاج من المنطقة المحايدة من 170 - 175 ألف برميل يومياً إلى 500 ألف برميل يومياً. إلا أن مصادر وكالة ستاندرد أند بورز العالمية أوضحت أن هناك تحديات تشغيلية قد تحد من إنتاج المنطقة إلى نحو 250 - 300 ألف برميل يومياً في السنوات الخمس المقبلة.