عبده الأسمري
الحياة رحلة نعبر من خلالها محطات مختلفة بعضنا يصل إلى منتهاها وآخرون يقطعون جزءاً منها دون إكمالها وتبقى العبرة بما قدم كل إنسان في سنوات «العمر» ويبقى «الرهان» الحقيقي في «القيمة» التي يتركها كل شخص خلفه بعد «الرحيل» وأمامه حين «الحساب»..
يولد الإنسان على «الفطرة» التي تختلط بأصول «الإنسان» وترتبط بفصول «الولادة» ثم تأتي «موجهات» التربية وتوجيهات «التوصية من قبل «الأسرة» التي تشكل «غرفة» العمليات الأولى التي تبرمج سلوك «الطفل» وتسير به في دروب لاحقة تجعله أمام الحساب الشخصي حين الخطأ والاكتساب الذاتي أمام الصواب..
تتباين «هوية» النفس البشرية ما بين «نفس» أمارة بالسوء تقع في «مصائد» الأنانية وتسقط في «مكائد» الذاتية فيبدأ الإنسان من خلالها رسماً أولىاً «خطوات» الشر التي ترمي به في «دوائر» الخطأ فتستيقظ «النفس اللوامة» التي تتخذ من «الندم» وسيلة وحيلة للرجوع إلى مستوى «السواء» والبعد عن محتوى «السوء» وتمضي السنوات حتى تأتي «النفس المطمئنة» التي تخضع للاستسلام التام للواقع والخضوع الكامل للحقيقة بأنها ماضية في «مسارات» التسيير وليس «التخيير» لتكون لكل «نفس» «نهاية» ولكل بداية «نقطة وصول» حتمية تقتضي «الانتهاء».
يحتاج الإنسان بعد خروجه من «دائرة» الأسرة إلى الاستقلال «المحمود» والذي يقتضي أن يدير نفسه إدارة تتفق مع الغنيمة من الخير والسلامة من الشر وتحتم هذه «الإدارة» أن يتحمل «المسؤولية» في نتائج أقواله وأفعاله فإن التزم بضرورة «التقييم» لسلوكه و»التحكيم» لتصرفه فإنه قد طبق أولى «المناهج» والتي ستمضي به إلى «الأمان» النفسي وأن عكس الاتجاه إلى «الاعتمادية» على الغير و»الاتكالية» على الآخرين ورمي «الأسباب» على شماعة» الحظ» وعزا «المسببات» إلى أٍسطوانة» النصيب» فإنه قد فشل في «إدارة» نفسه وأسقط «إرادة» ذاته..
تحتاج النفس إلى إدارة مثلى تقي الإنسان من الوقوع في براثن «الأخطاء» والسقوط في مكامن «الفشل» مما يتوجب أن يكون للإنسان «شخصيته» التي تمثله بعيداً عن «التقليد» الزائف أو «المحاكاة» البائسة لنماذج بشرية تختلف عنه في «الفكر» وتتناقض معه في «التفكير».
مع مرور سنوات «العمر» يهيمن «العقل» الذي يدفع الإنسان لأن يحول المواقف الحياتية والوقفات الدنيوية إلى «تجارب» مختلفة تحتم «الاستفادة» من الوقائع والإفادة» من الحقائق وصولاً إلى النظر في سلوكيات الغير وتعاملات الآخرين بمجهر «البصيرة» المنطلق من عمق «السريرة» حتى يستطيع أن يضع الأمور في نصابها وقياس الأحداث وفق مستواها..
لم يكن «الصدام» و»الخلاف» و»التباعد» بين «البشر» سوى حصيلة «للجهل» الذي أشغل الإنسان بالصغائر وأبعده من «متون» العلا إلى «هوامش» الجدال مما خلف لدينا «أزمات» نفسية أسهمت في «تفرقة» الأسر و»فرقة» العائلات ومصادرة «الأمن» النفسي من «ساحات» الطمأنينة بسبب الإدارة «السلبية» للنفس والتي تسببت في «طغيان» المصالح على «ميزان» المطامح مما أدى إلى شيوع «الاضطرابات» السلوكية وانتشار الاعتلالات النفسية..
تسهم الإدارة النفسية في فرض حالة من «التحكم» الشخصي في إصدار السلوكيات و»التحكيم» الذاتي في استقبال التصرفات الأمر الذي يسهم في إصدار «الحكم» الصحيح والموضوعي والمنطقي نحو قضايا الإنسان مع الآخرين والملفات الحياتية التي تفرض عليه التقاطع مع «الغير» في دروب «العيش» مما يقتضي التأني في التفكير والتفاني في وقاية «الذات» من أخطار «ردود» الأفعال المحتملة ضماناً للخروج بأقل الأضرار النفسية وأعلى العطايا السلوكية في أتباع كل الاتجاهات التي تعطي للحياة معاني من السكينة والطمأنينة.
يجب أن ترجح الشخصية البشرية مفهوم «الإرادة» السلوكية التي تشكل منبعاً لا ينضب من «الإصرار» ونبعاً لا يجف من «العزيمة» الأمر الذي يسير بالحياة نحو «التكامل» بوقع «اليقين» الذي يرسخ في «التعاملات» ويوظف في «السلوكيات» مبادئ «النجاح» وفصول «الكفاح» وأصول «الطموح»..
ما بين الإدارة النفسية والإرادة السلوكية ارتباط «وثيق» وترابط «موثوق» يسهم في بناء «السلوك» على أعمدة من «التفكر» وأسس من «التدبر» لصناعة «الأمن» النفسي و»الأمان» السلوكي و»المأمن» الاجتماعي..