أ.د.عثمان بن صالح العامر
احفظوا المكان والزمان جيدًا (السبت 17 من شهر ذي الحجة 1443هـ، الموافق 16/ يوليو/ 2022م) إذ انعقدت بعد ظهر هذا اليوم المشار إليه أعلاه (قمة جده للأمن والتنمية) التي دعا إليها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وترأسها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين، وحضرها الرئيس الأميركي جو بايدن وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، وكل من مصر والأردن والعراق، فهي تعد بحق قمة تاريخية مفصلية في العلاقة العربية - العربية من جهة، والعربية - الأمريكية من جهة أخرى، تلك العلاقات والشراكات الشمولية التي سيمتد أثرها إلى دول الكرة الأرضية قاطبة سواء أكان الأثر رسميًّا أو شعبيًّا، سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو عسكريًّا أو أمنيًّا أو بيئيًّا أو فكريًّا أو قيميًّا وأخلاقيًّا أو حتى إعلاميًّا وفنيًّا.
وربما كان افتتاح هذه القمة بآية الأمر الرباني بالتعارف العالمي بين بني الإنسان قاطبة، وبيان حقيقة التباين والاختلاف الجنسي والعرقي على وجه الخصوص، له دلالات عميقة ويحمل رسائل عدة، لعل من أبرزها:
- ثبات المرجعية لدينا، فالقرآن حاضر في مناسباتنا الرسمية محلية كانت أو خليجية أو عربية بل حتى العالمية منها.
- شمولية النظرة عندنا، فنحن شعوب وقبائل مختلفة، والأصل في علاقتنا مع بعضنا البعض (التعارف والتعاون والتكاتف الإنساني من أجل تحقيق الكرامة للبشرية جمعاء).
- رفض المثلية في ديننا، فالإنسان جنس الإنسان في أصل الخلقة ومبدأ التكوين مختلف ومتباين (ذكورًا وإناثًا)، بل رفض مضامين كل القيم والمعتقدات والأفكار المناهضة (لقيمنا النبيلة التي نفخر بها ولن نتخلى عنها).
لقد رزقنا الله -سبحانه وتعالى- في هذه البلاد المباركة (المملكة العربية السعودية) ومنّ علينا وجاد وتفضل بسيدي (محمد بن سلمان بن عبدالعزيز) ولي العهد الأمين، الذي هو بحق أبرز أولئك الأفذاذ الذين شاءت إرادة الله -عز وجل- أن يصنعوا تاريخنا المعاصر، ويسطروا مجدنا الحاضر، ويكتبوا قصة الموازنات الإنسانية على الكرة الأرضية من جديد، بما أمده الله -عز وجل- من حضور ذهني متقد، وكاريزما قيادية فذة، ومهارات وقدرات ذاتية متميزة، وعلم ومعرفة، ودراية متأصلة راسخة، وفي الوقت ذاته متجددة حية؛ لذا فما يصدر منه -حفظه الله ورعاه- في الغالب الأعم، حتى ولو كان في نظر البعض منا أمرًا عاديًا، له -حسب اعتقادي- بعده غير المنظور الذي يحتاج من الراصدين لما يقوله ويفعله، ويومئ به ويتحركه، ويأمر به ويوجه، إلى تفكير جاد خارج المألوف من أجل التوصل للمعنى المراد. ولذا فلا عجب أن تكون الكلمة الافتتاحية لسموه الكريم ذات الدلالات العميقة والأبعاد المختلفة هي حديث الساعة عالميًا. حيث أشار فيها -حفظه الله- إلى أن منطقتنا والعالم أجمع يواجه تحديات مصيرية كبرى (نكون أو لا نكون)، محددًا أسباب هذا الواقع الصعب في:
- جائحة كوفيد 19.
- الأوضاع الجيوسياسية.
ومشيرًا في الوقت ذاته إلى أن أبرز هذه التحديات:
- التحدي الاقتصادي العالمي الذي يبحث عن طوق نجاة ليتعافى مما حل به من أزمات.
- التحدي الصحي.
- تحدي تحقيق الأمن الغذائي.
- التحديات البيئية التي يواجهها العالم حاليًا وعلى رأسها التغير المناخي، وعزم المجتمع الدولي على إبقاء درجة حرارة الأرض وفق المستويات التي حددتها اتفاقية باريس.
ولتجاوز التحديات والتغلب على الصعب والإشكاليات التي يئن منها العالم اليوم، وأقضت مضاجع الساسة والاقتصاديين والأطباء والمفكرين، يجب علينا في نظر سموه الكريم:
- تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام استقلالها وسلامة أراضيها.
- التعامل مع هذه التحديات بواقعية ومسؤولية وتحقيق التنمية المستدامة من خلال:
- تبنّي نهج متوازن.
- وانتقال متدرج ومسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة يأخذ في الحسبان الظروف وأولويات كل دولة. حيث إن تبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات من خلال إقصاء مصادر طاقة رئيسة دون مراعاة الأثر الناتج عن هذه السياسات في الركائز الاجتماعية والاقتصادية للتنمية المستدامة وسلاسل الإمداد العالمية سيؤدي في السنوات القادمة إلى:
- تضخم غير معهود.
- ارتفاع في أسعار الطاقة.
- زيادة في نسب البطالة .
- تفاقم المشكلات الاجتماعية والأمنية الخطيرة؛ بما في ذلك تزايد الفقر والمجاعات وتصاعد الجرائم والتطرف والإرهاب.
شكرًا لله -عز وجل- أن منّ علينا أن كنا سعوديين، ديننا الإسلام، ودستورنا القرآن، وأرضنا بلاد الحرمين الشريفين، المملكة العربية السعودية، وقيادتنا حكيمة حليمة، عازمة حازمة، ودمت عزيزًا يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.