د. نوف بنت محمد الزير
كل إنسان بوطنه فخور، وكل شخص بموطنه ملهم، وحياتك في وطنك آمناً مطمئنا معافى عندك قوت يومك كأنما حيزتْ لك الدنيا بحذافيرها! وحياة بلا وطن أزهد من شيء ليس له ثمن!!
في وطننا العظيم المملكة العربية السعودية نشعر بالنعمة الكبرى: أننا قبلة المسلمين ومهوى أفئدة العالمين ومقرّ الحرمين الشريفين ومنبع العقيدة الصافية النقية خير دين.
بلاد العروبة والإسلام المملكة العربية السعودية التي حباها الله بموقعها المميّز بين القارات الثلاث، وأكرمها الله بخدمة الحرمين الشريفين، وخصها الله بأنها ضمن مجموعة أقوى عشرين دولة على مستوى العالم، وأنعم عليها بقوة الأثر والتأثير، فموقف المملكة من الأحداث العالمية غالباً ما يكون مؤثراً في ميزان القوى، مُحرّكاً لمراكز التأثير وجاذباً لكثيرين ممن يقتفون أثرها، ليقينهم بقوتها وعدالتها وإنصافها وحكمتها!
جميل جداً أن تفتح أجيالنا أجيال المستقبل أعينهم على هذه القيمة العظيمة التي يحظى بها وطنهم على الأمم والشعوب كافة، وبشهادة المسلمين وغيرهم من المنصفين وأهل النزاهة والعدالة في شتى بقاع الأرض.
وأجمل منه أن نسعى إلى ترسيخ هذه القيمة بتلقائية محنكة وعفوية مركزة وإبداع متمكّن؛ من خلال صناعة محتوى وطني ثقافي تجد فيه الأسرة مادة جديرة بالمشاهدة والعرض، ويجد فيه النشء معلومات واضحة صحيحة وفصيحة، ويجد فيه غيرهم إجابات شافية كافية وافية لتساؤلاتهم عن وطن العروبة والإسلام والحضارة:
أين كان؟ وكيف صار؟ وماذا عنه الآن؟ وإلى أين سيصل؟ ومتى؟
كيف نشأ هذا الوطن العظيم بتضحيات رجالاته ومبادرات قياداته؟ وكيف وصل إلى ما وصل إليه من القوة والتأثير على مستوى العالم؟ وماذا عنه الآن في ظل التطور البالغ سرعته في شتى المجالات؟
ومتى سيتحقق طموحنا ويمتد ونصل ونبقى في الصدارة على قمة العالم الأول؟!
إننا نحتاج من جهات الاختصاص أن تُتحفنا وأجيالنا بأفلام وثائقية وبرامج حوارية ومشاهدات تاريخية وقواعد بيانية معلوماتية بحجم تاريخ الوطن وحضارته...
وأن تكون في قوالب مبتكرة متنوعة مواكبة بين الدورات التدريبية، الرسائل العلمية، المقررات الدراسية، البرامج الإعلامية النشرات التعريفية، الندوات الثقافية، الكتب التأصيلية، السير الذاتية، القصائد الشعرية، القصص الأدبية، الروايات التاريخية، المخترعات العلمية، التجارب المخبرية والمدن والتطبيقات الرقمية..
كل ذلك وأكثر يحتاجه المجتمع بكافة فئاته ليتعرف على تاريخه ووطنه بكل تفاصيله.
ويجدر أن يكون هذا العمل بأيدٍ وطنية خالصة ويشارك فيه الشيوخ والشباب من الرجال والنساء بل وحتى النشء!
ويوظفون فيه التقنية الحديثة والأفكار المبتكرة، مستثمرين جهودهم وطاقتهم مستفيدين مما يقدم على أعلى المستويات في كافة أنحاء العالم مع المحافظة على الأصول والثوابت والقيم والمبادئ الوطنية التي كنا ولا زلنا ننافس ونفتخر بها في كل محفل.
إننا نطمح في وجود هيئة تُعنى بصناعة المحتوى الوطني التاريخي الثقافي، يُشكّل أعضاؤها من الجهات ذات العلاقة والتي من أبرزها: وزارة الثقافة، وزارة التعليم، وزارة الإعلام، دارة الملك عبد العزيز، مركز الملك عبد العزيز التاريخي وغيرها من جهات الاختصاص، ويحرص القائمون عليها على وجود فريق لديه حس وطني عالٍ، وتمكّن علمي ظاهر واستيعاب تاريخي ومهارات لغوية وبحثية وانتقائية، وروح شامخة موسوعية تستوعب الدين والوطن والتاريخ واللغة والعلم والحضارة والقيم والمبادئ! وتحسن صياغتها وقولبتها بحيث تكون جاذبة ومؤثرة وراسخة في القلوب والعقول.
إن هذا كفيل بتأسيس صورة ذهنية صحيحة، وبناء معالمها بمنهجية سليمة، وتصويب أي صورة خاطئة فهماً أو قصداً!
ورعاية الأهداف والغايات التي هي محل طموح قادة هذا الوطن وشعبه الوفي.
إننا نُقدّر كل جهد يقوم به الأفراد والمؤسسات في هذا السياق؛ ولكننا لا زلنا بحاجة ماسّة إلى مزيد من العطاء لوطن الخير والنماء وكل في مجاله على أهبة الاستعداد ورهن إشارة وطننا الشامخ فوطن نعيش فيه؛ بأرواحنا وعزائمنا وقلوبنا نفتديه.