«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد معالي وزير الاستثمار المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح أن انعقاد القمتين السعودية الأمريكية، والخليجية الأمريكية بحضور الأردن والعراق ومصر يأتي في مرحلة مفصلية عامرة بالأحداث والتحديات، لتعزيز العلاقات الراسخة والشراكة الإستراتيجية القائمة بينهم، لما فيه خير بلدانهم وشعوبهم والعالم أجمع.
وقال معاليه في تصريح لوكالة الأنباء السعودية بمناسبة زيارة فخامة الرئيس جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة: «يقارب عمر العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين المملكة والولايات المتحدة تسعين عاماً، حيث انطلقت بتوقيع المملكة اتفاقية امتياز التنقيب عن النفط مع شركة سوكال (شيفرون) عام 1933م».
وأشار إلى أن هذه العلاقات حظيت بدعم وزخمٍ كبيرين إثر اللقاء التاريخي بين الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- بفخامة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في عام 1945م، حيث شكّل ذلك اللقاء القواعد الأساسية للعلاقة الإستراتيجية طويلة الأمد بين البلدين التي ظلت راسخةً ومزدهرة على مر العقود الماضية, كما شهدت العلاقات الأمريكية نقلة كبرى في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمين -حفظهما الله-.
وأوضح وزير الاستثمار أن زيارة الرئيس الأمريكي، وانعقاد القمم السعودية الأمريكية، والخليجية العربية الأمريكية، تأتي في وقت مفصلي، مُبيّناً أنه بالإضافة إلى التحديات التي يواجهها العالم كله، بما في ذلك جائحة كورونا وما نتج عنها من آثار على الاقتصاد العالمي من تباطؤ الاستثمارات وتأثُّر سلاسل التوريد وكذلك ما يشهده العالم من اضطرابات جيوسياسية، ربما كان أبرزها المشكلة الروسية الأوكرانية، كان لها انعكاساتها على الأمن الغذائي، وتأثيرها الواضح في أسواق الطاقة، وكان التضخم القياسي الذي يشهده العالم إحدى نتائجها.
وأضاف: «إن مسيرة المملكة التنموية التي أطلقتها رؤية «المملكة 2030» قد جاوزت الخمس سنوات من عمرها، مُحققةً نجاحاتٍ كبيرة باتجاه تحقيق مستهدفاتها في بناء مستقبل المملكة العربية السعودية، مع كون عام 2030 هو المرحلة الأولى من بناء هذا المستقبل، المتمثل في مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، ومُتطلعة لمزيد من النجاحات.
وأكّد أن رؤية المملكة 2030، والإستراتيجية الوطنية للاستثمار المنبثقة عنها، تستهدفان فتح أبواب القطاعات الناشئة الواعدة داخل المملكة، مثل السياحة، والترفيه، والنقل والخدمات اللوجستية، أمام المستثمرين السعوديين وغير السعوديين، بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في تنويع موارد الاقتصاد الوطني، وخلق الفرص الوظيفية النوعية، وتنمية المجتمعات المحلية، مشيراً إلى الدور الذي تنهض به الإستراتيجية الوطنية للاستثمار في فتح المجالات المتعددة المرتبطة بقطاع الطاقة، وهو من القطاعات التي بدأ مستقبل الاقتصاد العالمي يتشكل بموجبها، مثل الطاقة المتجددة، والتقنيات الخُضر، والتمويل الأخضر، والتحول الرقمي للاستثمار.
وبيّن أن زيارة الرئيس الأمريكي ستشهد توقيع عددٍ من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تصب في جهود المملكة لتعزيز عددٍ من هذه القطاعات بشكل كبير.
وفيما يتعلق تحديداً بالاستثمارات السعودية الأمريكية المتبادلة، أوضح المهندس الفالح أن العلاقة الاستثمارية مع الشركات الأمريكية واصلت التطور والنمو خدمة للبلدين، منذ انطلاقتها الأولى في عام 1933م، مُشيراً إلى أن هناك اليوم أكثر من 740 شركة أمريكية مُسجلة كمؤسسات أجنبية تعمل في المملكة، وأنه يعمل بها أكثر من 67000 شخص، العديد منهم سعوديون.
وفيما يخص القطاعات، بيّن معاليه أن قطاعات الصناعات التحويلية، وتقنيات المعلومات والاتصالات، والقطاعات المهنية والعلمية والتقنية، هي أكبر القطاعات من حيث عدد الشركات الأمريكية المسجلة في المملكة.
وأشار إلى أن حجم الاستثمارات الأمريكية في المملكة بلغ أكثر من 11 مليار دولار في عام 2020م، وأن حجم حيازات المملكة في سندات الخزانة الأمريكية بلغ 115.7 مليار دولار في أبريل من عام 2022م, فيما بلغ حجم الاستثمار السعودي في الولايات المتحدة أكثر من 6 مليارات دولار أمريكي في العام نفسه.
وأضاف: «إن إجمالي صادرات المملكة إلى الولايات المتحدة بلغ في الربع الأول من عام 2022م أكثر من 20 ملياراً و500 مليون ريال، فيما بلغت واردات المملكة من الولايات المتحدة في الفترة نفسها أكثر من 14 مليار ريال».
وبيّن أن للشركات السعودية استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، تتصدرها شركات أرامكو السعودية وسابك ومعادن والبحري، باستثمارات تبلغ مليارات الدولارات في صناعات النفط والغاز، والكيميائيات والنقل، إضافة إلى استثمارات متنوعةٍ لصندوق الاستثمارات العامة تشمل حوالي 43.7 مليار دولار من الأسهم المدرجة في أسواق الولايات المتحدة، حسب أرقام الربع الأول من عام 2022م، مُبيناً أن شركة لوسِد التي تُنتج السيارات الكهربائية، والتي وقّعت مؤخراً اتفاقاً لإنشاء مصنعٍ لها في المملكة، تستحوذ على الحصة الأكبر من استثمارات الصندوق في الولايات المتحدة باستثمارٍ قدره 25.8 مليار دولار.
وأكّد الوزير الفالح أن المملكة تسعى للبناء على هذه الشراكة الإستراتيجية القائمة وتوسيعها, وتواصل العمل على هذا مع مؤسسات القطاع الخاص في كلا البلدين, مُشيراً إلى أن وزارة الاستثمار قادت في شهر يوليو الماضي وفداً كبيراً من قادة الأعمال في المملكة لزيارة الولايات المتحدة في دليلٍ يؤكّد الأهمية التي توليها شركات القطاع الخاص السعودي لنظيراتها الأمريكية.
وأشار إلى أنه تأكيد لرسوخ وتنامي الشراكة الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة في الجانب الاستثماري وجانب الأعمال، ستشهد زيارة فخامة الرئيس الأمريكي توقيع عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، بعضها بين القطاع الخاص والحكومة، والبعض الآخر بين مؤسسات القطاع الخاص في البلدين، موضحاً أن المذكرات والاتفاقيات الثلاث عشرة التي سيتم توقيعها تشمل قطاعات صناعات الطيران، والصناعات الدفاعية، والصناعة والتصنيع بشكلٍ عام، والصحة، والطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والتعليم، والسياحة، وأن حجم الاستثمارات فيها يزيد على 3 مليارات دولار، فضلاً عما ستُسهم به هذه الاستثمارات من خلق وظائف نوعية، ونقل للتقنية.
وأكّد المهندس الفالح أن المملكة تسعى من خلال هذه المذكرات والاتفاقيات إلى تعزيز نمو وتطور عدد من القطاعات التي أشار إليها. وفي مجال الصحة أشار معاليه إلى أن ظروف جائحة كورونا دفعت بهذا القطاع المهم إلى أعلى الأولويات عالمياً, مُبيناً أن رؤية المملكة طويلة المدى تتمثل في تحويل المملكة إلى مركز عالمي للطب الحيوي، وعلوم الحياة، لتُسهم بذلك في خدمة المملكة نفسها، والمنطقة والعالم أجمع.
وفي مجال التصنيع المتقدم أكّد أن القطاع سيستمر في النمو من حيث الأهمية، وأن إحدى المبادرات الرئيسة لإستراتيجية الاستثمار الوطنية تتمثل في برنامج جذب سلسلة الإمداد، الذي أعلن عنه سمو ولي العهد منذ مدة وجيزة، الذي يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لسلسلة الإمداد، في مجال التصنيع المتقدم والخدمات، مُوضحاً أن البرنامج يركز على تمكين المملكة من أن تصبح مصدرًا رئيساً للمنتجات والخدمات ذات الأهمية لتطوير وتغيير أنماط النمو، وذلك بالاستفادة من المزايا التنافسية التي تتمتع بها المملكة، لتعزيز سلاسل الإمداد العالمية وتحسين مرونتها وقدرتها على التعافي والتجاوب مع الأزمات.
وبشأن أهمية قطاع التعليم قال: «إن إعداد مجتمعاتنا، والأجيال القادمة منه على وجه الخصوص للمستقبل، يستدعي أن نعطي أولوية كبرى للتعليم ونستثمر فيه»، مُشيراً إلى أن الحكومة السعودية -تسريعًا لجهودها في هذا المجال- أنفقت حوالي خُمس ميزانيتها الإجمالية، أو ما يقارب 187 مليار ريال على التعليم في السنة المالية 2022م.
وأكد وزير الاستثمار أن مسيرة تنمية الاستثمارات عموماً، والاستثمارات مع الشركاء الإستراتيجيين -كالولايات المتحدة على وجه الخصوص- تسير بفضل الله من نجاحٍ إلى نجاح، لما تلقاه من دعمٍ ومساندة وتوجيه من القيادة الحكيمة.