عثمان بن حمد أباالخيل
للمقارنة وجهان وجه جميل، وهذا في عالم الأعمال، ووجه قبيح وهو في عالم الإنسان. في عالم الأعمال هناك ما يسميه بنش مارك، وهو عبارة عن قياس أداء المنظمة مقابل منافسيها في السوق، وذلك بهدف تحسين الوضع التنافسي، وهذا هو الوجه الجميل. في عالم الإنسان وهو الوجه القبيح أن تُقارن نفسك مع الآخر أو الآخرين. في الواقع إذا أردت أن تحطم نفسك بنفسك قارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تشعر بالإحباط فقارن نفسك بغيرك، وإذا أردت أن تشعر بأنك أقل من الآخرين قارن نفسك بغيرك. وهذا للأسف واقع وحال بعض الناس الذين لا يدركون مرارة مقارنتهم. (لكيلا تخسر نفسك لا تقلد غيرك، لا تقارن حياتك بالآخرين، لا تتحدى إلا ذاتك، ولا تنتقد أمراً وأنت لم تجربه) مارك توين.. إذا قارنت نفسك بمن هو أفضل منك فستحفر قبر فشلك بيديك الاثنتين.. إذا قارنت نفسك بغيرك فستضمن بقاءك في القاع، ونصيحتي قارن نفسك بمن هو أدنى منك، لا تقارن نفسك بمن هو أعلى منك. والأفضل والأجدى والأنسب قارن نفسك بنفسك أين كنت وأين أصبحت وكيف سأكون إن شاء الله في المستقبل، مستقبل الإنسان بيد الله سبحانه وتعالى ولكن علينا أن نستمر في عملية تطوير الذات في النواحي التي تتماشي مع قدراتنا وتوجهاتنا، وذلك للوصول إلى أعلى مرتبة تسعى إليها، فالإنسان دائماً بحاجة إلى تطوير مهاراته من خلال اتباع بعض الطرق التي تساعده في توسيع دائرة معارفه وترتقي بمستواه العقلي والاجتماعي والعملي (لا أقارن نفسي بأي شخص آخر، ولا أهتم أن أكون أفضل من غيري، أقارن نفسي بنفسي قبل عام، وأهتم لأكون أفضل من نفسي بعد عام) مارك توين. للأسف الذين يقارنون أنفسهم مع الآخرين يشعرون بالتعاسة وعدم الرضا عن الحياة وتحطيم تقدير ذواتهم، كما يشعرون بالغيرة والغضب واليأس والإحباط. أتساءل هل الذات هي النفس.
المقارنة في عالم البالغين مضرة وقاسية ولكنها أشد ضررًا في عالم الطفولة، وهذا يحدث من قبل بعض الأسر بحسن نية لكنها مقارنة تخلق من الطفل شخصًا يائسًا غيورًا وبأنه غير محبوب وأن أعماله غير مرضي عنها، وأنه سيئ، بينما الطفل الآخر جيد وأفضل ويحبونه أكثر، هذا ما يدور في نفس الطفل الذي يشعر بالدونية من قبل أهله. إنها نصيحة لمن يقبل النصيحة بناء شخصية الطفل من قبل والديه وبمن يحيطون به تتم من خلال تقدير حب النفس. كم هو جميل أن تتطلع الأم أو الأب على كيفية التعامل مع التحديات التي يواجهونها في تنشئة أبنائهم منذ مرحلة الطفولة المبكرة وحتى فترة المراهقة من خلال قراءة الكتب وبرامج القنوات الفضائية والاستشاريين المتخصصين.
همسة (شوف فلان أحسن منك) ترددت كثيرًا على مسامع جيل الزمن الجميل وربما لا تزال تُسمّعْ في هذا الجيل، إنها عبارة مؤذية محبطة مُؤثرة نفسيًا.