محمد سليمان العنقري
سؤال يتكرر كثيراً لدى الطلاب في المرحلة الثانوية لأن مستقبلهم العلمي والوظيفي الذي سينعكس على سنوات طويلة من حياتهم العملية يتوقف على اختيار التخصص في مرحلة ما بعد التعليم العام سواء كان التوجه للتخصصات الجامعية أو اللمعاهد والكليات المهنية فالإختيار الجيد يسهم كثيراً في نجاح مسيرة الشاب العملية وهو جزء مهم من انعكاس كفاءة الإنفاق على التعليم فكلما كانت نسبة توجهات الطلبة صحيحة كان ذلك عاملاً مهماً بالاستفادة من الكوادر البشرية الوطنية لأقصى درجة ممكنة ويسهم بجزء مهم من حلول البطالة، إذ يكون الفرد قد حصل على تخصص يناسب قدراته ومطلوباً بسوق العمل ولا يجد صعوبة كبيرة في الحصول على وظيفة ويكون احتياجه لبعض المهارات يسيراً ومكملاً لتخصصه مقارنةً بمن يختار تخصصا الطلب عليه محدود جداً بسوق العمل ويحتاج لإعادة تأهيل مهني على أعمال مطلوبة للحصول على فرصة عمل ستكون بكل تأكيد بعيدة عن مجال دراسته.
ولمساعدة الطلاب في اختيار تخصصاتهم تنتشر معلومات ودراسات عديدة في الشبكة العنكبوتية يمكن الاطلاع عليها للمساعدة على اختيار التخصص المناسب وبكل تأكيد يبقى للمدارس دور أكثر أهمية في مساعدة الطلاب على اكتشاف مهاراتهم وميولهم التي تساعدهم في تحديد الاختصاص بعد الثانوية سواء بالجامعات أو المعاهد ومن المعايير المشهورة التي ينصح بها لتحديد التخصص هي معرفتك لاهتماماتك فأي مجال تعتقد أنه مفضل لك وقمت بالتوجه له فسوف يسهم ذلك بتفوقك فيه في مرحلة الدراسة وكذلك الحياة العملية كما أن اكتشافك لقدراتك له دور كبير في اختيارك للتخصص الذي سوف تبدع فيه فإذا كنت متمكناً من المواد العلمية فاختيارك لتخصصات في الهندسة والعلوم والطب سيكون أفضل لمستقبلك كما يجب البحث لمعرفة ما هي وظائف المستقبل وفي أي المجالات سيزداد الطلب وأي القطاعات ستولد فرص عمل أكثر من غيرها وهناك مصادر كثيرة تساعد على الوصول لهذه المعلومات فمثلاً اتجاه العالم للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي إضافة لخدمات الصحة العامة والقطاعات المعنية بجودة الحياة عموماً ستولد فرص عمل ضخمة ولذلك البحث عن التخصصات المناسبة لهذه القطاعات والتحولات الاقتصادية التي تنعكس على سوق العمل تعد كلها عوامل مساعدة على اختيار التخصص المناسب لسوق العمل وكذلك مستقبله ومسارات التطور فيه التي توضح مدى أهميته في المستقبل كما يجب دراسة كافة التخصصات التي يرغب الطالب بالتقدم لها حسب الترتيب التنازلي عند تسجيل رغباته حتى يعرف مدى صعوبة كل تخصص وهل لديه القدرات المناسبة للنجاح فيه ويفضل بعض الخبراء في سوق العمل والتعليم والتأهيل أيضاً أن يتوفر في كل دولة مستشارون أكاديميون ذوو خبرة عالية يسهمون في مساعدة الشباب على اختيار ما يناسب قدراتهم.
سوق العمل يتغير باستمرار والتطور العلمي والتكنولوجي لا يتوقف والتنافس بين الدول اقتصادياً أصبح سمة عامة وكل دولة تسعى إلى تعزيز قوة اقتصادها بممكنات عديدة وكذلك كوادر بشرية مؤهلة فبعض الدراسات الدولية بينت أن فقط 45 بالمائة من الوظائف تحتاج لتخصص جامعي وكذلك فإن 40 بالمائة ممن خضعوا للدراسة لم تكن وظائفهم ذات علاقة بتخصصاتهم بينما قالت وزارة العمل الأمريكية إن 25 بالمائة من العاملين يغيرون مجالاتهم الوظيفية كل ثلاث سنوات نظراً لبعدها عن تخصصاتهم فسوق العمل يحتاج لدراسات عميقة أكثر خصوصاً في استشراف المستقبل لمساعدة الطلاب على التوجه الصحيح للتخصصات المناسبة لإمكاناتهم ولاحتياجات سوق العمل.