رقية سليمان الهويريني
تعرف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية كيف تستعين بمراكز الشرطة لاستدعاء مواطنين كفلاء لبعض العاملات المنزليات الهاربات من منازلهم؛ لتعذُّر استكمال إجراءات ترحيلهن بسبب عدم استلامهن رواتبهن كاملة! وبالتالي تكدُّس عدد كبير من العمالة المنزلية في شركة سكن الخاصة بإيواء الخادمات حتى تجاوز الطاقة الاستيعابية له!
وتتجاوب الشرطة وتفزع بإبلاغ عدد من الكفلاء وإحضار بعضهم بالقوة الجبرية، وأخذ تعهدات خطية عليهم بمراجعة مكتب شركة الإيواء في أسرع وقت ممكن لإنهاء إجراءات سفر الخادمات!
وطالما وافقت الشرطة على إحضار الكفلاء بالقوة الجبرية لإنهاء إجراءات الخادمات، ودفع الرواتب المتأخرة أثناء هروب الخادمة وتسولها أو عملها بمنازل أخرى؛ فإنّ المواطن سيضطر لدفعها كاملة وسيجبر على استخراج تأشيرة مغادرة ودفع قيمة تذكرة السفر والعودة لبلدها.
والمدهش هو أنّ الوزارة لم تلتفت لما دفعه المواطن من تكاليف ابتداءً من رسوم التأشيرة وأتعاب مكاتب الاستقدام التي تتعدى خمسة وعشرين ألفاً وانتهاءً بالفحص الطبي واستخراج بطاقة الإقامة النظامية مروراً بتهيئة السكن وتبعاته، إضافة لدفع الرواتب دون مقابل عمل كما هو الاتفاق!
ولو أرادت الوزارة تشخيص مشكلة الخادمات الهاربات وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية، لحمّلت مكاتب الاستقدام المسؤولية كاملة، وأحضرت أصحابها بالقوة الجبرية عن طريق مراكز الشرطة، وقامت بإعادة تكاليف مبالغ الاستقدام للمواطن ودفع رواتب الخادمات الهاربات كلها، لأنها السبب وراء مشكلة هروبهن، فهي لم تفِ بالعقد بأن تعمل الخادمة عامين كاملين بدلاً من فترة الضمان لثلاثة أشهر وفيها تتحرق الخادمة على إنهائها ثم بعدها ترفض العمل أو تمارس الهروب، كما أنها لا تستقدم خادمات مدربات، وعلى دراية كاملة بواجباتهن واطلاع تام على حقوقهن ولديهن الرغبة الفعلية بالعمل وفقاً لشروط الكفيل، عدا ما يسببه هروبهن من مشاكل أسرية واجتماعية، فضلاً عن جرائمهن أو سرقاتهن.
إنّ الإجراءات الصارمة التي تتبعها الوزارة في تحصيل رواتب الخادمات الهاربات وحفظ حقوقهن ومعاضدة الشرطة لها مع صمت الوزارة وتجاهلها لحقوق الكفيل؛ يثير الدهشة والتساؤل والأسى! فالوضع ينقلب ويختلف حينما يشكو المواطن من هروب الخادمة وما يترتب عليه من خسائر فادحة! حيث لا يجد من يساعده ولا من يعيد حقوقه، فالشرطة ووزارة الموارد ترفضان بلاغه وتردان شكواه بحكم عدم الاختصاص، بينما الوزارة تَعِد دوماً بتقليص المشكلة عبر فتح منافذ استقدام إضافية من دول أخرى دون حل للمشكلة ذاتها!