أ.د.عثمان بن صالح العامر
يقول ستيف جوبز - مؤسس شركة أبل للبرمجيات - قبيل وفاته، وهو في حال يرثى لها، يصارع مرض السرطان، ويشعر يقيناً بدنو أجله، فينطق بحقيقة الحياة عنده في لحظة ضعفه هذه بكل تجرد وشفافية ومصداقية- طبعا من منطلقاته هو، وحسب قناعاته الذاتية - ونص ما قال:
- لقد وصلتُ لِقِمَّةِ النجاح في الأعمال التجارية.
- في عيون الآخرين حياتي كانت رمزاً للنجاح.
- ومع ذلك، وبصرف النظر عن العمل، كان لدي القليل من الوقت للفرح.
- وأخيراً، في النهاية ثروتي هي مجرد حقيقة أنا معتاد عليها. - مع العلم أن شركته عند رحيله بلغت قيمتها السوقية 700 مليار دولار، (سبعمائة مليار دولار)، وهي أغلى شركة في التاريخ-.
- في هذا الوقت، وأنا ممدد على سريري في المستشفى أتذكر حياتي الطويلة.
- أدرك أن جميع الجوائز والثروات التي كنت فخوراً جداً بها أصبحت ضئيلة وغير ذات معنىً مع اقتراب الموت الوشيك.
- في هذا الظلام، وعندما أنظر إلى الأضواء الخضراء لمعدات التنفس الاصطناعي، وأنصت لأصواتها الميكانيكية، أشعر بِنَفَسِ الموت يقترب مني.
- الآن فقط أفهم بعد أن أمضيت حياةً محاولاً جمع ما يكفي من المال لبقية سنواتي، أن لدينا ما يكفي من الوقت لتحقيق أهداف لا تتعلق بالثروة فقط.
- يجب أن تكون أهدافنا أكثر أهمية.
- عدم التوقف عن ملاحقة ثروة يمكن أن يجعل منك مجرد شخص منهك أو كائن آلي.
- نحن كائنات يمكن أن تشعر بالحب. الحب كامن في قلب كل واحد منا، ومصيرنا يجب أن لا يكون فقط الجري وراء الأوهام التي تبنيها الشهرة أو المال الذي أفنيت من أجلهما حياتي، ولا يمكنني أن آخذهما معي الآن.
- لا يمكنني أن آخذ معي إلا الذكريات التي تَعَزَّزَتْ بالحب.
- هذه هي الثروة الحقيقية التي سوف تتبعك. وسوف ترافقك، وستعطيك القوة والضوء للمضي قدما وإلى الأمام.
- الحب يمكن أن يسافر آلاف الأميال وهكذا تصبح الحياة لا حدود لها. انتقل إلى حيث تريد أن تذهب. اسْعَى للوصول للأهداف التي تريد تحقيقها. كل شيء كامن في قلبك ويديك.
- ما هو أغلى سرير في العالم؟ إنه سرير المستشفى.
- إذا كان لديك المال، يمكنك استئجار شخص لقيادة سيارتك، ولكن لا يمكنك استئجار شخص لِحَمْلِ مرضك وآلامك بدلاً عنك.
- يمكن العثور على الأشياء المادية المفقودة مَهْمَا غَلَى ثمنها. ولكن هناك شيء واحد لا يمكنك أن تجده أبدا عندما ستفقده: إنه الحياة.
- مهما كانت المرحلة التي نعيشها من مراحل حياتنا، سَنَضْطَرُّ في النهاية لمواجهة اليوم الذي سيسدل فيه الستار.
- اجمع كنزك من حب عائلتك، من حب زوجتكَ أو زوجكِ، من حب أصدقائك. أعتن بنفسك جيداً واهتم بأقربائك. كن عطوفا وكريما وحليما مع الآخرين، فلا تدري كم من الوقت بقى لك).
طبعا مع أهمية هذه الرسالة، وعمق دلالة محتواها، خاصة أنها من رجل يتفق الكل على نجاحه المادي، إلا أن فيها ما لا يتوافق مع مسلماتنا وقناعاتنا ومنطلقاتنا العقدية التي ندين الله بها، فقبل حبنا للعائلة يجب أن نجمع كنزنا من حبنا لله عز وجل ثم حبنا لرسوله عليه الصلاة والسلام القائل: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ)، يجب أن ندرك حقيقة الدنيا كما هي في ميزان الرب سبحانه وتعالى لا في موازين البشر، ويكفي أن نتأمل قول الله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) لنعرف هذه الحقيقة التي لا مرية فيها ولا شك، وكما قال جوبز: (يجب أن تكون أهدافنا أكثر أهمية)، وهل هناك ما هو أهم من الاستعداد لليوم الموعد؟، دمتم بخير، وإلى لقاء، والسلام.