عطية محمد عطية عقيلان
أيام ذي الحجة من الأيام الفضيلة على المسلمين، حيث يتجهون إلى مكة المكرمة قبلة المسلمين والمشاعر، لأداء الركن الخامس من أركان الإسلامي وهي «الحج»، وأفضل أيامه يوم عرفه، وفيه خطب الرسول صلى الله عليه وسلم على جبل عرفة «خطبة الوداع»، وأوصى المسلمين بتقوى الله والطاعة والتحذير من الشيطان وأكل الربا وأموال الناس بالباطل والتوصية بالنساء خيرًا والعدل والدعوة إلى الإخوة، واستمر هذا النهج في خطب يوم عرفة من دعوة الناس إلى قيم دينهم وهدي نبيهم والتعاضد والتجمع، وكانت خطبة حج هذا العام 1443هـ لها طابع خاص، حيث كُلف بها عضو هيئة كبار العلماء وأمين رابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد العيسى، ودعا فيها إلى تقوى الله، للفوز بالنجاة والسعادة، وإتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتطرق فيها إلى المسارعة في الخير وحسن الخلق، ومواجهة الجهل والسفه والأعراض عن الجاهلين والحذر من سجال المهاترات وتبعاتها تطبيقًا لقول الله سبحانه وتعالى {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}، ودعا حجاج بيت الله والمسلمون البعد عن كل ما يؤدي إلى التنافر والبغضاء والفرقة وأن يسود تعاملاتنا التواد والتراحم، وهي من القيم المحسوبة في طليعة معاني الاعتصام بحبل الله، ودعا الله تقبل من الحجيج مناسكهم ودعواتهم، وإصلاح أحوال المسلمين وأن يألف ذات بينهم ونشر العلم والخير فيهم وإصلاح ذرياتهم والبركة في أرزاقهم وإدخالهم الجنة.. الخ، وهي خطبة نحن بحاجة لها كمسلمين تدعو إلى التآخي والبحث عن العوامل المشتركة التي تجمعنا وتقربنا لبعضنا بعضًا، ولكن هناك من يستغلون المنابر أو المنصات الإعلامية أو وسائل التواصل الاجتماعي، في السباب، وبث الفرقة والتشكيك وتوجيه الاتهامات والطعن في الأخلاق والقيم والدين والاغترار بالشائعات والفبركات والتعميم على الجميع وكأنهم وكلاء الله في الأرض والأخلاق والهداية، ولهم حق إصدار الأحكام وتقييم كبار العلماء، وللأسف يتصدر المشهد من يوزعون التهم والتكفير يمنة ويسرة، دون رادع أخلاقي، وينشرون أفكارهم التي تدعو إلى الفرقة والبغضاء والحقد والغل، بدل أن يستغلوا هذه المنابر أو المنصات لنشر القيم السلامية والعدل والحق والأخلاق وحسن المعاملة واللين والدعوات الوحدة ونبذ العنف، بدل أن تسلط ألسنتهم على المزيد من التشتيت والفرقة، ونشر ثقافة الكراهية والأحكاعلى الآخرين سواء كان بهوى مضلل أو علم جاهل ومنقوص، لنطبق ما ورد في خطبت الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 سنة، وهي ملية بالقيم والدعوة للفضيلة من حفظ الدماء والحقوق والأمانات، ولم يتطرق فيها لتوجيه التهم والتشكيك في الآخرين، بل أكد قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب خاطر»، فعزيزي القارئ لي ولك، نحن نؤمن بأفضل البشر وباتباع سنته، بعيدًا عمَّن يريدون الوصاية على العباد وطريقة حياتهم، فلا نتداول خطبهم أو آرائهم، ولنؤمن أن المؤمن الحق، وصاحب الرسالة والمتبع لأوامر الله وسنة نبيه، ليس بسباب أو شتام أو يتصف بسلاطة اللسان وتوجيه التهم للعموم والتكفير والاستهزاء بالآخرين ونبزهم والتقليل من شأنهم، بل إن المؤمن الحق يدعو إلى الفضيلة والقيم والعدالة وتأليف القلوب والتقارب والمودة بين الناس ويكون هينًا لينًا رقيق اللسان والألفاظ.