د.علي آل مداوي
حققت المملكة العربية السعودية نجاحا باهرا بامتياز لموسم حج 1443هـ، فالمملكة العربية السعودية بقيادة مولاي خادم الحرمين وبإشرافه المباشر رعاه الله وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله- وما زالت عنايتهما وجهودهما بهذا الشرف العظيم حثيثة على امتداد المواسم السابقة واللاحقة ناجحة بامتياز، ولان خدمة ضيوف الرحمن تأتي على رأس سلم أولوياتها وتسخر الحكومة كافة الخدمات لضيوف بيت الله الحرام وتذليل كافة المصاعب وتسهيل وتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة، لإتمام فريضة الحج ورجوعهم إلى أوطانهم سالمين، فإن نجاح موسم الحج أبهر كل متابع سواء على الصعيد المحلي والدولي، ونال اشادة حجاج بيت الله الحرام وإشادة دول العالم بأسره، بعدما أتمّ الله على حجاج بيته الحرام أداء مناسك الحج بكل يسر وسهولة، ومد عليهم نعمة الأمن والأمان لأداء الفريضة. الذي بلغ عددهم وفق ما أعلنت الهيئة العامة للإحصاء أن إجمالي أعداد الحجاج لهذا العام بلغ (899.353) حاجًّا، منهم (779.919) حاجًّا قدموا من خارج المملكة عبر المنافذ المختلفة، فيما بلغ عدد حجاج الداخل (119.434) حاجًّا من مواطنين ومقيمين.
إن المملكة العربية السعودية ومنذ نشأتها على يد المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله ومن بعده أبناؤه الملوك البررة، الذين ساروا مسيرته واقتفوا أثره نهضة وإصلاحاً إلى العهد المزدهر، التي تقدم الحكومة على مدار الساعة لخدمة قاصدي بيوت الله وضيوفها، مستشعرة شرف الخدمة وحمل الأمانة العظيمة في حماية بيوت الله والمشاعر المقدسة وخدمتها وخدمة قاصديها. والان في هذه الأيام نشهد تطورا لافتا بخدمة ورعاية وتأمين سلامة وطمأنينة الحجاج وهذا النجاح لم يتكلل بالنجاح إلا بتعاون كافة قطاعات الدولة وجهودها الملموسة لإنجاحها وهي كالتالي:
جهود وزارة الصحة
خلال موسم حج العام في أكبر موسم منذ تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19) دأبت وزارة الصحة بإنشاء القافلة الطبية التي هي مجموعة من الحافلات، وسط رعاية طبية وعلاجية متكاملة، يصحبها عدد من سيارات الإسعاف المجهزة بأحدث الأجهزة الطبية، والعلاجية، والدوائية، والغذائية، والمدعومة بأطباء مختصين؛ حيث شملت القافلة 10 سيارات إسعاف لنقل المرضى، مزودة بجميع التجهيزات الطبية المتكاملة، وعدد من الأطباء وكوادر التمريض والمسعفين، إلى جانب 5 سيارات إسعاف خالية احتياطية، وسيارة إسعاف عناية مركزة، بالإضافة إلى كابينة أكسجين متكاملة، وورشة إسعافات متنقلة، وحافلة لنقل مرافقي المرض، إلى جانب الاهتمام الشامل في الجانب الصحي في المشاعر المقدسة، والمطارات للتأكد من سلامة حجاج بيت الله الحرام وتوفير كافة الخدمات الصحية.
جهود وزارة الداخلية
ولا شك أن قوات أمن الحج من منسوبي وزارة الداخلية، ورئاسة أمن الدولة، ومسانديهم من القوات العسكرية قد حققوا نجاحات باهرة لتطبيق الخطط الأمنية التي تم تنفيذها خلال موسم الحج لضمان أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام كما وفرت كل سبل الإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن وضمان أدائهم ونسكهم بكل يسر وسهولة، ونجاح الجانب الأمني بامتياز في حج العام الحالي.
جهود وزارة الحج والعمرة
ولا شك أن دورها كان حيويًا ونجاحها بتقديم كافة الخدمات المقدمة لقاصدي حج عام 1443هـ، وتأسيس صناعة متقدمة للضيافة العصرية في قطاع الحج والعمرة بما يتفق مع المعايير الخدمية العالمية. كما أطلقت وزارة الحجّ والعمرة، حملة «الأمنيات تحققت»، التي تهدف إلى بعث الأمل في نفوس المسلمين حول العالم بتحقق أمنياتهم في أداء فريضة الحجّ - بمشيئة الله-، وذلك ضمن جهودها المستمرة خلال موسم حجّ هذا العام 1443هـ.
ونشرت الوزارة عبر منصّاتها على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مرئيًا بـ7 لغات يُعبر بطريقة مشوقة عن شعار الحملة «#الأمنيات_تحققت»، وشهد تفاعلاً كبيراً بين الأوساط المحلية والإسلامية حول العالم.
جهود وزارة الإعلام
تنفيذ التغطيات الإعلامية لمناسك الحج وفعالياته، والخدمات الإعلامية التي تقدمها الوزارة للإعلاميين، بدءًا من تنسيق زيارات الإعلاميين الدوليين إلى مقرات الأجهزة الحكومية، والتواصل والتنسيق مع وسائل الإعلام الدولي، إلى الإشراف على البرنامج الإعلامي لضيوف الوزارة وتنسيقه. ونشر الأخبار والتقارير والصور بست لغات منها؛ العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والفارسية، إضافة إلى اللغة الروسية. وإبراز جهود الجهات المشاركة في موسم الحج، والبث المباشر لنقل المؤتمرات الصحفية للجهات المشاركة. كما أطلقَتْ وزارةُ الإعلامِ المركزَ الإعلامي الافتراضي لموسم حج 1443 هـ، الذي يهدفُ إلى توحيد الجهود الإعلامية، وبثِّ المحتوى الإعلامي المواكب لجهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن. ويعملُ المركزُ الإعلامي الافتراضي كمنصة إلكترونية، يتم من خلالها تقديم الخدمات الإعلامية الافتراضية للأجهزة الحكومية ووسائل الإعلام، والمتعلقة ببث أخبار الحج وبرامجه، عبر رفع المواد الإخبارية والصور والفيديوهات بجودتها الأصلية ليستفيد منها أكثرُ من 725 إعلاميًّا مسجلاً بالمنصة من داخل المملكة وخارجها، ويمثلون وكالات الأنباء والصحف والقنوات العالمية والمحلية.
جهود وزارة الخارجية
تعد بمثابة الخطوط الامامية الأولى عبر سفاراتها في اصدار التأشيرات لقاصدي بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، وأن عملية منح التأشيرات خلال موسم هذا العام قد تمت وفق تطلعات المملكة وما يتفق مع ضوابط منح تأشيرات الحج ومتطلبات التنسيق مع وزارتي الداخلية والحج، والاستفادة من تقنيات الإدخال عبر شبكة الإنترنت الذي يسهم في خفض تكاليف التشغيل وزيادة مستوى المتابعة والرقابة وسرعة الإنجاز حيث تم التأشير لأكثر من 700 ألف حاج.
جهود وزارة الرياضة
وتضمّنت جهود الوزارة العديد من الأعمال المتميزة لتلبية احتياجات الحجاج، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة؛ حيث بدأت بتدشين المركز الكشفي لخدمة الحجاج في مشعر منى، وواصل فرع وزارة الرياضة بمنطقة القصيم جهوده في خدمة ضيوف الرحمن بمدينة حجاج البر بالمنطقة، وقام فريق كشافة وزارة الرياضة بمهام المسح في مخيمات منى.
فيما نفذ فرع وزارة الرياضة في منطقة الجوف برنامج «خدمة ضيوف الرحمن» في مدينة الحجاج بأبو عجرم، وشارك 180 متطوعًا في خدمة ضيوف الرحمن وزوار المسجد النبوي بفرع وزارة الرياضة بمنطقة المدينة المنورة. وتم تنفيذ برنامج إعدادي من قبل فرع وزارة الرياضة بمنطقة القصيم للمشاركين في المركز الكشفي لخدمة الحجيج، وأقام فرع وزارة الرياضة بمنطقة جازان دورة تدريبية للكشافة المشاركين في خدمة الحجيج.
جهود هيئة الأمن السيبراني
شرعت بتنفيذ «تمرين الأمن السيبراني لموسم حج 1443»، بهدف تعزيز الجاهزية السيبرانية لدى الجهات الوطنية المشاركة في موسم حج 1443، وتطوير القدرات الوطنية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز استمرارية الأعمال خلال الموسم، وذلك بمشاركة أكثر من 75 جهة وطنية مثلها أكثر من 180 مختصا بالأمن السيبراني والصمود أمام التهديدات والمخاطر السيبرانية والاستجابة لها، بما يسهم في دعم الجهود الوطنية للارتقاء بالخدمـات المقدمـة لضيوف الرحمن.
ولا ننسى جهود سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ومستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس لجنة الحج المركزية الذي يعمل على قدم وساق على إدارة حج عام 1443هـ والاشراف على كافة الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، وتوفير سبل الراحة والسلامة الى حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة، وتحقيق نجاح باهر في رئاسته للجنة الحج المركزية لحج هذا العام.
فرغم تنوع حجاج بيت الله الحرام من جميع دول العالم بمختلف عاداتهم وثقافاتهم ولغاتهم، في بقعة واحد ومساحة محدودة وإدارة الحشود في رمي الجمرات، وتسهيل الطواف والسعي، ووجود الخدمات الصحية في مستشفيات المشاعر المقدسة، لأداء مناسكهم، بكل يسر وسهولة وامن وأمان لاسيما أن جائحة كورونا كانت من التحديات الكبيرة التي واجهتها المملكة واستطاعت بإدارة مخاطرها فرض واتباع الاستراتيجيات التي حققت نجاحات في هذا الشأن.
ختاماً تضافر الجهود والتعاون والتنسيق بين أجهزة الدولة حققت النجاحات الباهرة بامتياز وشهد لها العالم باسره على نجاح موسم الحج لعام 1443هـ في دقة التنظيم وفي ظروف استثنائية، وتوظيف الدروس المستفادة لنجاح الأجواء التعبدية والبيئة الإيمانية التي مكنت ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بسهولة ويسر. وبرز ذلك جلياً من خلال التوسع في استخدام الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مراعاة أقصى درجات الأمان الصحي والسلامة البيئية وتسخير كل الإمكانات وتقديم كل ما يلزم لضيوف الرحمن لأداء نسكهم في أجواءٍ روحانية وطمأنينة عالية، وتسعى المملكة إلى المضي قدماً في تطوير الأنظمة تماشياً مع أهداف رؤية 2030 الذي يعد قطاع الحج والعمرة محوري في رؤيتها.