واس - الرياض:
كشفتْ هيئةُ التراث عن وقوف فريق علمي تابعٍ لها على موقع «غزوة العُشيرة» بمحافظة ينبع غرب المملكة - وفقاً للمعلومات التي قدمَها فريقُ «إيرث للتصوير الجوي»، كما زارَ الفريقُ مواقعَ أخرى في المنطقة الواقعة بين محافظتي ينبع والعيص مثل نقش «سلمة» الذي يُعَدُّ أقدمَ نقشٍ صخري إسلامي مؤرخٍ وذلك في العام 23 للهجرة، إضافة إلى نقوش إسلامية تسجلُ للمرة الأولى بالموقع، إلى جانب بعض العيون والقنوات المائية القديمة.
وتُعَدُّ «الُعشيرة» موضعاً في محافظة «ينبع» غزاه الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوة التي عرفت باسم «غزوة العُشيرة»، ووُصفتِ «العُشيرة» من بعض المؤرخين في القرن الرابع الهجري بأنها قريةٌ صغيرةٌ قبالة مدينة ينبع تحوي مجموعةً صغيرةً من النخيل. ويتكونُ الموقعُ من مجموعة أساسات سكنية معمارية مُؤَلَّفَةٍ من الحجارة البركانية غير المنتظمة حول منطقة رملية شاسعة، وتُكَوِّنُ هذهِ الأساساتُ في مجملها بعضَ الوحدات والغرف ذات الشكل المستطيل المكون من مدماك واحد، بينما بقية الأساسات مطمورةٌ بشكل ملاحظ في منطقة من الرمال. ووَثَّقَ الفريقُ مجموعةً من الأرحية والمدقات التي تعطي انطباعاً أنَّ المكانَ كان منطقةً زراعيةً خاصةً؛ لوقوعها على ضفاف وادي ينبع مكوناً مصدراً رئيسياً من مصادر المياه، بالإضافة إلى جملة من الكسر الفخارية من النوع العادي السميك الذي يستخدمُ - عادةً- كقلالٍ أو أوانٍ للتخزين، والاستخدامات اليومية الأخرى، ويمكنُ تأريخُها للقرن الثالث والرابع الهجري (التاسع والعاشر الميلادي) وفقاً لأسلوب صناعة ونوع عجينة الفخار.
وزارَ الفريقُ العلمي نقشَ «سلمة» الذي يقعُ شمال «ينبع» في حدود 120كم بالقرب من هجرة المثلَّث التابعةِ لمحافظة العيص، وأخذ صورة واضحة للنقش ومسح المنطقة المجاورة،إذْ نشرَ عنه في العام 2005م، حيث وَثَّقَ الفريقُ النقشَ وصَحَّحَ قِرَاءَتَه ووَثَّقَ إحداثياتِه، إذْ جاء نَصُّهُ كالتالي:»كتب سلمة، بثلث وعشرين» كما اكتشفَ الفريقُ نقشاً آخرَ كتبَه «سلمة» مجاوراً للنقش الأصلي ونقوش إسلامية أخرى،التي جاءت نصوصُها: ربِ اغفر لسلمة ولمن قرأَها آمين، وتابَ اللهُ على محمد بن عبدالله.
ويذكرُ أنَّ القنواتِ المائيةَ والعيونَ القديمةَ في ينبع النخل، فقد ورد ذكرُ عيون ينبع التاريخية في المصادر القديمة ويظهرُ على منابعها القدم، وتُعَدُّ هذهِ الينابيعُ والعيونُ مشابهةً للأنظمة المائية القديمة في الأفلاج وفرزان في الخرج، وهي دليل مادي وملموس على النظام المائي القديم الذي ما يزال تستخدمُ من قبل السكان المحليين في ريّ مزروعاتهم. وتأتي هذه الزيارةُ للفريق العلمي من منسوبي هيئة التراث في إطار الجهود الحثيثة التي تقودها الهيئة للوقوفِ على المواقع التاريخية وتوثيقِها وتأريخِها، وحصرِ مواقع التراث الوطني، وما تحويه من آثار ومعالمَ تاريخية، وتعزيزِ التعاون مع المنظمات والفرق والأفراد للإسهامِ في حصرها ونشرها.