«الجزيرة» - الاقتصاد:
سارعت الكثير من شركات التجزئة إلى نقل أنشطة مبيعاتها من المتاجر التقليدية إلى الإنترنت استجابة لتأثيرات الجائحة. وترافق هذا التحول نحو العالم الرقمي مع ظهور فرص قوية في مجال التسويق الإلكتروني، لا سيّما التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية ازدياد أهمية دور وسائل التواصل الاجتماعي في قطاع التجزئة. وفي الواقع، تشير التقديرات بأن واحدة من عشرة مشتريات تتم اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يدلل على تراجع موقع تجارة التجزئة التقليدية أمام نقاط الشراء الرقمية الحديثة. وكشفت نتائج تقرير حالة «المستهلك المتصل» عن تفضيل 55 بالمئة من المستهلكين للقنوات الرقمية من أجل التفاعل مع العلامات التجارية، وتقفز هذه النسبة إلى 65 بالمئة بين المستهلكين الشباب من جيل «زد». وسمحت وسائل التواصل الاجتماعي للشركات من مختلف الأحجام بالوصول إلى جماهير جديدة وزيادة أعداد متابعيها ورفع إيراداتها عبر الإنترنت. وسيبقى هذا التوجه يحافظ على زخمه، حيث 61 بالمئة من المتعاملين والمستهلكين يخططون للتسوق أكثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الثلاث القادمة وفقًا لنتائج التقرير الخامس من «سيلزفورس» عن حالة «المستهلك المتصل». علاوة على ذلك، أظهر التقرير أن 56 بالمئة من المستهلكين يتسوقون أكثر اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالعام الماضي. ويسلط هذا التحول في عادات التسوق الضوء على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها مصدرًا متناميًا لحركة مرور المتسوقين وزيادة إيرادات الشركات العاملة عبر الإنترنت، حيث أصبحت هذه الوسائل مستخدمة على نطاق واسع كأدوات لزيادة الأرباح. ويتعين على شركات التجزئة المتطلعة للمستقبل أن تتأكد من تعزيز استثماراتها في التواصل الاجتماعي لضمان قدرة أعمالها على مواكبة المستقبل. لكن هناك حوالي 45 بالمئة من مديري قطاع التجارة يشعرون بعدم جاهزيتهم للمضي قدمًا على طريق الاستفادة من القنوات الرقمية الناشئة مثل الميتافيرس وتيك توك وواجهات المتاجر الاجتماعية الحديثة عبر الإنترنت. فالسؤال المطروح لدى الكثيرين هو أين بداية الطريق؟
الاستثمار في الرؤى المعمقة من أجل استهداف الجمهور المناسب، تحتاج الشركات بداية إلى معرفة مكان وجوده. وتحديد مكان الجمهور الذي يتسوق عبر القنوات الرقمية ليس إلا الخطوة الأولى، حيث تحتاج الشركات بعدها إلى تحديد المنصات التي يستخدمها الجمهور المستهدف والأماكن التي يرجح أن يقبل على الشراء منها، مع التأكد من أن العلامة التجارية للشركة ورسائلها في التواصل وخدماتها منسجمة عبر سائر القنوات الرقمية. وتعتبر أدوات الذكاء الاصطناعي التي تسمح للشركات بتحديد أماكن وأساليب تسوق الجمهور لا غنى عنها لضمان عدم تبديد الأموال على جهود التسويق في الأماكن الخطأ. فالبيانات تستطيع أن تكون أداة قوية لفهم القنوات التي يمكن أن تقدم أفضل عوائد على الاستثمار، مما يسمح لشركات التجزئة بتطوير إستراتيجية تجارة ناجحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
القوة تكمن في التخصيص يعتبر استهداف الجمهور بمحتوى مخصص يلبي أذواقه ومتطلباته أمرًا جوهريًا. وفي عالم يشهد خروج محتوى بالملايين أمام مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي كل يوم، أصبحت الشركات بحاجة إلى جذب اهتمام المستهلك وبسرعة. وهنا يضمن تخصيص المحتوى بقاء العلامات التجارية على صلة بالجماهير المستهدفة ويعتبر طريقة فعالة لتحقيق التميز أمام المنافسين. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يتاح أمام الشركات أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بتحليل أداء الإعلانات وتعزز من حملات اكتشاف المنتج بشكل أفضل. بحيث أصبح بإمكان للشركات جذب العملاء بسهولة أكبر من أي وقت مضى مع استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي يمكنها التعلم بسرعة ومطابقة الإعلانات بشكل أكثر فعالية وتحديد الجماهير الملائمة بشكل أفضل لمعاودة استهدافها. الابتكار هو الأساس في عملية جذب اهتمام الجمهور والحفاظ عليه أصبحت تستدعي الكثير من العمل والابتكار في ضوء انتشار الملايين من مقاطع المحتوى كل يوم في وسائل التواصل الاجتماعي. وتعتمد إستراتيجية التجارة الناجحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مبدأ تعزيز التفاعل مع الجمهور، فالوسائط الاجتماعية بدأت كمنصات للتواصل والمحادثة لا لإزعاج الجمهور بمحتوى المبيعات. ولذلك يعتبر التواصل من خلال إنشاء محادثة باتجاهين مع الجمهور أمرًا ضروريًا تحتاجه العلامات التجارية لبناء الثقة وترسيخ صورتها عبر الإنترنت. ويأتي من بعض الأمثلة عن كيفية نجاح العلامات التجارية في جذب المتابعين وزيادة أعدادهم، اتباع تكتيكات مبتكرة مثل إطلاق استطلاعات الرأي وتقديم الهدايا وعرض المحتوى المصنوع من المستخدمين وعقد جلسات لطرح الأسئلة والأجوبة والتفاعل مع تعليقات العملاء. مسايرة التوجهات يتعين على الشركات الحفاظ على مسافة قريبة من الجماهير المستهدفة ومتابعة القنوات التي تستخدمها دائمًا، ذلك لأن منصات التواصل الاجتماعي قد تحظى بالشهرة وتفقدها بشكل سريع. فالمنصة التي تلقى إقبالاً اليوم قد تصبح قديمة في الغد. ومثل أي إستراتيجية، تعتبر مزايا المرونة وسرعة الاستجابة للمتغيرات ضرورية حتى تحافظ الشركات على مواقع متقدمة. واكتساب ميزة سرعة الاستجابة للمتغيرات يحتاج أولاً إلى الشجاعة، ففي المحصلة، تلك الشركات التي تخاطر وتتكيف وتختبر منصات جديدة هي من يرجح أن تفوز بجمهور أكبر وتخلق فرصا جديدة من الإيرادات وزيادة المبيعات.النظر لأبعد من إستراتيجية القناة الواحدةفي العالم الرقمي، تحتاج العلامات التجارية إلى التواجد أينما كان عملاؤها. ولذلك ينبغي أن تمتد حدود التجارة لأبعد من نطاق أي قناة رقمية واحدة، ويجب أن تسري البيانات في سائر تلك القنوات بشكل يمكن الشركات من تقديم تجارب متصلة بصورة فعالة. الاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي ليس فقط إستراتيجية ناجحة للوصول إلى الجماهير الحالية، بل يعتبر كذلك طريقة ممتازة تمكن شركات التجزئة من مواكبة المستقبل في عملها وجذب قاعدة أوسع من العملاء والبقاء على صلة ضمن عالم رقمي سريع التطور.