د.م.علي بن محمد القحطاني
عاشت البشرية وتعايشت في ظل حكم كورونا وتحت نِير استعماره لما يقارب ثلاثة أعوام وما فرضته علينا من حظر للتجول وإبادة أكثر من ستة ملايين شخص وتجويع العديد من دول العالم فنحن في حالة حرب شرسة مع كورونا بين كر وفر ونخوض هذه الأيام إحدى أهم معاركها، بل معركة مفصلية في حرب لا هوادة فيها وعلى ضوئها أطلقت السعودية على ما يُسمى بكورونا رصاصة الرحمة بإعلان رفع الإجراءات الاحترازية المتعلِّقة بكورونا ولا يستبعد وإن كانت بنسبة ضئيلة ارتفاع منحنى الإصابات وعودة الإجراءات الاحترازية أو بعضها وهذا الاحتمال قائم عند متخذي القرار فمن مبادئ إدارة الكوارث الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل مع ما حدث.
ولو نظرنا بإيجابية للنصف الممتلئ من الكأس لاكتشفنا أنها لم تكن شراً خالصاً، بل إن هناك محاسن لهذا الوباء وعادات زالت وأخرى استجدت، فرب منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية وهذه دعوة للمحافظة على المكتسبات وتعظيم الفائدة منها والتخلص من سلبياتها ... فعلى سبيل المثال:
حفلات الأفراح ومناسبات الأتراح وما شهدته من تغييرات جذرية حسنة في مجملها مثل التخلي عن البذخ المبالغ فيه وتحجيم التكاليف والاقتصار في دعوات الزواج على عدد محدود من الأهل والأقارب وهذا يكفي لإشهار الزواج، وكذلك استحداث الدوام المرن والعمل عن بعد لجميع العاملين في القطاعين الخاص والعام والذي بشيء من التنسيق سيسهم في حل العديد من المشاكل المرورية مثل تخفيف الازدحامات والاختناقات المرورية وتفتيت أوقات الذروة في المدن الكبرى.
أما لبس الكمامة فعلى الرغم من كونها عدو الفيروس الأول إلا أن الكثير من البشر ناصبها العداء وكأنها عقوبة فُرضت عليه وليست وسيلة لوقايته والمحافظة عليه، يتحيّن الفرصة للتخلّص والانتقام منها وأنها رمز لكورونا مع أنها شعار للوقاية والصحة وخففت الإصابة بالكثير من الأمراض الفيروسية، فحبذا لو نحافظ عليها لفوائدها الكبيرة وأتمنى استمرار فرضها على العاملين في صوالين الحلاقة والمطابخ والمطاعم والكافيهات ومن في حكمهم، فإن كان دور إدارة الجائحة انتهى بانتهاء الجائحة فهنا يبرز دور الجهات الرقابية المختصة في المحافظة على المكتسبات والقيام بدورها
ونحن كمجتمع مؤهلون لذلك فقد اجتزنا دورة عملية وممارسات تطبيقية وتجارب حقيقية لما يقارب ثلاثة أعوام على أعلى مستوى كفيلة بتعليمنا... ونشر ثقافة التعايش مع الكوارث والعيش فيها والتعامل مع أحداثها كجزء أصيل في التصدي لها.
** **
- مستشار وخبير إدارة كوارث وأزمات