الهادي التليلي
مشاعر الحج هذا العام والذي يعد الأضخم من حيث عدد الحجاج منذ جائحة كورونا بمشاركة مئات الآلاف من الحجاج القادمين من مختلف أصقاع الكرة الأرضية، مشاعر الحج هذا العام تعطي الانطباع على أنك أمام لوحة فنية متكاملة بين مختلف محطاتها، لوحة فنية غاية في الجمال لم تكن تحتاج في أي فاصل من تفاصيلها إلى بروفات وتحكم في الإنارة والصوت، إنها لوحة رتلتها القرون الماضية وجاءت دورة هذا العام بدقة في التنظيم وتحكم في الحشود جعل العنوان الأبرز لها هو الانسيابية العالية والحرص الدقيق على تلافي مختلف الأوبئة ومخلفات كورونا ومشتقاتها.
أرض الحرمين مهبط الوحي والرسالات تقدم للعالم درسًا آخر في إدارة المشاعر بشكل جعل من لوحة هذا العام أكثر تميزًا في الرقي والجمالية ليكون عيد المسلمين في هذا العام أكثر من عيد، فبالإضافة إلى مشاعر عيد الأضحى هناك عيد آخر هو عيد البشرية قاطبة في التخلص من جائحة كورونا حيث تجاور في أداء اللوحة الجميلة لحج هذا العام مئات الآلاف من الأشخاص مع بعض يمارسون حركات ومناسك جماعية وبمنوال سعودي خالص.
فعلاً لقد تمت المشاعر في كنف الالتزام بالإجراءات الوقائية بالرغم من كون المشاعر تقام مشاعر الحج في لحظة تلغى فيها فعاليات عادية لا تستقطب بضع آلاف في عدد من بلدان العالم بل إن دولاً ما زالت تمارس الإغلاق الشامل على مواطنيها في دول تعد من أعتى الدول الاقتصادية في العالم، وهنا لا نعني فقط اليابان والصين.
حج هذا العام والذي تعاضدت فيه كل الجهود ليكون درسًا سعوديًا خالصًا يقدم للعالم كمنوال دائم للتحكم في الحشود، يأتي في ظل حرص من القيادة الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على أمن وسلامة ضيوف الرحمن حتى يقوموا بأداء مناسك الحج على أكمل وجه وبأجمل صورة، وذلك جزء لا يتجزأ من قيم المملكة ومرآة عاكسة لما صارت تتوفر عليه من تطور ونماء يجعل من مناسك الحج صورة ناصعة لبلد يشهد تحولات ثورية على مختلف الأصعدة وفي شتى المجالات.
الدرس السعودي المقدم للعالم حول ما وصلت إليه في إدارة الحشود هو في الحقيقة ليس بالأمر الجديد، وإنما هو امتداد لنجاحات كبيرة في احتضان مختلف المحطات الكونية مما جعل منها لا فقط قبلة المسلمين في مناسك الحج والعمرة وإنما قبلة البشرية، إذا ما أرادت لحدث ما أن ينجح تنظيميًا في ظرف مخصوص لا تقدر عليه إلا المملكة العربية السعودية.