عبده الأسمري
ترتفع الأمم بقوة «الإنسان» وسطوة «البيان» وتتباهى المجتمعات بما يضيفه «البشر» إلى الحياة من «علوم» و»معارف» و»اختراعات» ضمن منظومة حياتية تتفوق بها شعوب دون أخرى.
في عقود مضت رجح المسلمون «كفة» العلم بما قدموه للبشرية والإنسانية من نظريات وابتكارات في عوالم «الطب» و»الهندسة» و»الكيمياء» و»الفلك» و»الفيزياء» و»النحو» وغيرها الأمر الذي أثار «حقد» العالم الغربي الجاهل الذي كان يعتمد على الحروب والغزو والاستعمار وما أن سقطت الممالك الشرقية حتى غزا ونهب المعرفة وسرق «التراث» الإسلامي وسلب «الإرث» المعرفي وظل يحاول تزوير الحقائق وتزييف الوقائع إلا أن صفحات التاريخ ظلت وستبقى «شاهدة» على أصول التنوير في المشرق وعصور الظلام في الغرب..
ظهر في العشر سنوات الماضية بعض «النوابغ» من الخليج والعالم العربي في مجال الطب والهندسة وامتلأت سجلات الجامعات العريقة في أمريكا وأوروبا بأسماء «علماء» و»باحثين» كانوا بحق «السفراء» الحقيقيين» للدول في الخارج الأمر الذي أعاد «التوازن» الغائب فيما قدمه المسلمون في العصور الأولى وما ضاع منهم في الوسطى لتأتي الثالثة «ثابتة» في استعادة «المجد» المغيب واعادة «التميز» المفترض إلى «مواقعه» الأولى.
انتبهت «التيارات» الغربية إلى استنفار الإنسان المسلم بواقع «الفطرة» ووقع «الهوية» للحصول على التفوق ونيل الامتياز وحصد نتيجة التنافس فما كان منها إلا أن ركزت على الحروب «السرية» عبر التقنية وتجييش سرايا «الظلال» وزبانية «الفساد» للأَضرار بالشخصية المسلمة في كل اتجاه وبشتى الطرق ورمي جميع «أوراق» الحيل في ميدان «التضليل» حتى يتم «توجيه» الاهتمام والهمم إلى «مسارات» نهايتها الضياع بأدوات تعمل في غاية السرية وبتخطيط لا يتوقف.
إن ما نراه من «محاولات» مستميتة لتغييب «الهوية» الإسلامية ومصادرة «الشخصية» المعرفية يعد «الهدف» الرئيسي الذي تسعى إليه منظمات غربية تعمل في «الخفاء» ويساندها بعض رعيل «الإخوان» التائهين المتأبطين شرور «التطرف» وثلة من زمر «الليبراليين» الضائعين المرتمين في وحل «التحرر» وكل ذلك وفق «الخطط» المرسومة لخلايا «التغريب» التي استيقظت لتلعب على «ورقة» الحرية «المحروقة» والتي باتت جزءًا معروفاً من «لعبة» التضليل واستبدال «الأصول» الثابتة بالفروع «المؤقتة»!!
الأجيال المولودة في الخمس وعشرين عاماً الأخيرة يمثلون «عصب» المجتمع ونواة «أولى» لتشكيل «المستقبل» لذا فانهم «المستهدفين» في خطط مدروسة ضد «القيم» في وقت يعاني فيه «التعليم» من تخطيط «عقيم» ومن تنفيذ «سقيم «فالمخرجات من الطلاب والطالبات خلال الأعوام الأخيرة يعانون في الأغلب» من «تأخر» فكري فيما يخص الحفاظ على «الأصول» والالتزام بالقيم والمضي نحو «التميز» باستثناء «فئة» توارثت «التفوق» من الأسرة أو تمسكت بالتميز من التربية وهي من نراها تحفظ «ماء» الوجه في محافل «التنافس» وتواري على «سوءات» محتملة قد تتجاوز حدودنا..
نحتاج إلى بناء حقيقي للإنسان من جديد واعادة «تحديث» للتفكير نحو المستقبل فالعنوان القادم يتراوح بين «الخذلان» و»النسيان» فيما يخص أعداد «أجيال» واعية ومنافسة وليست «واهية» إذا سألت أحد المنتمين إليها عن «الأنموذج» أجابك بأنه «مطرب كوري» أو «فنان» تافه أو مشهور فارغ!! وإذا استفسرت عن «الثقافة» لوجدتها لا تتجاوز «برنامجاً» يومياً سخيفاً يهتم بمشاهير السوشيال ميديا الذي يوزعون عليهم «مناهج» السفه بعيداً عن التوجيه «التعليمي» و»الوجاهة» الأسرية.
دعمت «الدولة» كل برامج التميز العلمي وساندت كل «المبدعين» وكان آخرهم تكريم سمو ولي العهد للموهوبين والموهوبات الذين رفعوا اسم الوطن عالياً على مستوى العالم وتبقى «المسؤولية» على كل الجهات المعنية التي يقع على عاتقها «بناء» الإنسان والحفاظ على «القيم» وتأصيل «الهوية» ومحاربة «التضليل» ووأد «التغريب» ومجابهة «التطرف» ووقف «الفساد» وهزم «التخلف» وأنكار «المنكر».
وكي نعيد بناء الإنسان وإعلاء «صرح» الهوية علينا أن ننزل الناس منازلهم بما يحتم احترام «المفكرين» وتقدير «المبدعين» والاستفادة منهم وتجاهل «التافهين» واستبعادهم من دوائر «الضوء» بكل الطرق وأن نستفيد من «خبرات» الناجحين وأن يعاد «النظر» في سياسات «التعليم» بكل المراحل وأن يتم ادراج مناهج جديدة تؤصل «القيم» وتنشر «ثقافة» النظام وتؤسس «أصول» الأخلاق وأن يكون هنالك تحرك رسمي واصدار لوائح واطلاق مبادرات ووضع أنظمة تواجه وتنتصر على «الحرب» الشرسة ضد هويتنا وقيمنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا..