رجاء العتيبي
النص الإبداعي، أي نص: سيناريو، رواية، شعر، قصة، مقال ...إلخ، لا يأتي من العدم، هذا صحيح،
ولكن لا يعني ذلك تكرار أعمال الآخرين، ولا يبرر ذلك نقولات الكاتب من آخرين، ولا يعني التنقل بين الأعمال السابقة، مثلما تتنقل النحلة بين الزهور، ولا يعني الاقتباس المقصود من إنتاج الآخرين من دون إحالة مرجعية لها، فالتحجج بأن النص لا يأتي من العدم، لا يبرر فعل كل ما سبق. أما من يبرره وقد كثروا في الآونة الأخير، إنما يدل على فراغ جعبتهم، وأنهم غير قادرين إبداع نص يمثلهم، ويعكس موهبتهم، ويؤكد بصمتهم.
يشير عبد الله الغذامي إلى هذا في كتابه (الخطيئة والتكفير) إلى أن الكتابة لا تحدث بشكل معزول أو فردي، ولكنها نتاج لتفاعل ممتد لعدد لا يحصى من النصوص المخزونة في باطن المبدع، ويضيف: ثم يتمخض عن جنين ينشأ في ذهن الكاتب، انتهى. هذا الجنين الجديد هو النص الإبداعي الذي يخص الكاتب، لأنه تداخل مع فسيفساء من النصوص بشكل غير مقصود، باعتبارها نصوصًا يضمها العقل الباطن قراءات هنا وهناك، وهذا معنى أن النص لا يأتي من العدم، ولكن ليس من انتقاء بعض من أعمال الآخرين، وتوليفها بشكل معيَّن، ثم يكتب عليها اسمه، ويقول هذا نصي، وهذه هي روايتي، أو تلك قصتي. الأمر ليس كذلك، هناك من لديهم القدرة على أن يفرقوا بين تداخل النصوص بشكل غير مقصود، وبين تداخلها بشكل مقصود، الأول لديه طاقة كتابية لا تنفد، حتى لو كتب ألف نص، وحتى لو بلغ من العمر عتياً، أما الثاني فلا يكاد يصمد، فسرعان ما يتوقف، وسرعان ما ينكشف، لأن (الأسلوب) يختلف في كل مرة.
السيناريو الذي يعتمد على (نقولات) مقصودة من أفلام أخرى، هولي وودية، أو أوروبية، أو هندية، يحيل الفيلم بعد إنتاجه وعرضه إلى فيلم (مكرر)، وهذا يتضح أكثر في أفلام الأكشن التي ينتجها السعوديون، لا يوجد لديهم سوى (صورة ذهنية) نموذجية لأفلام الأكشن، لأنه (انتقى) و(نقل) و(قص) و(لزق)، ثم يقول عندما تضيق عليه الخناق في المراجعة النقدية، يقول: لا يوجد نص من العدم!!