رشيد بن عبدالرحمن الرشيد
رحل عن دنيانا الرجل الفاضل أبا صالح محمد متعب الشعلان.. في الراجحي كانت الصلاة وفي النسيم كان الدفن والوداع.. بعد معاناة مع المرض في الفترة الأخيرة، جسد طاهر رحل تحيطه رعاية الله ورحمته ثم الدعوات الصادقة من الأقرباء والمحبين والحاضرين أن يثبته الله بالقول الثابت ويغسله بالماء والثلج والبرد وأن ينقه من الخطايا ويجعل ما أصابه كفارة وطهورًا وأن يسكنه فسيح جناته.
تأثرت بخبر وفاته حيث فقدت قلباً كان يشع بالصفاء والنقاء ولم يتلوث بالحقد والحسد.. قلباً حمل مكارم الأخلاق.. والوفاء للأصحاب بسجية التواضع والإحسان قدمت واجب العزاء لذويه في بيته بالرس.. فقرأت الأسى والحزن بفقد غاليهم.. وحالهم أن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبانا لمحزونون.. فأشاطرهم العزاء بالفقيد القريب من القلب.
أبا صالح كان يشرفنا بالزيارة من وقت إلى آخر في بيت والدنا في ديوانية (السبت) وكان يحمل السرور والسعادة لنا فكم استمتعنا برواية يرويها وشعر بديع يستشهد به وحكايات سابقة من تاريخ الوطن.
إن حضوره أنس لمجلسنا.. فأنت أمام حكمة ومدرسة من الماضي.. وعلى الرغم من تقدمه بالعمر إلا إنه يحمل روح المرح والتفاعل الإيجابي..
القوعي بلدة تاريخية غرب الرس كانت مسقط رأسه هناك حيث ذكريات طفولته وحياته الأولى.. بقيت حاضرة في قلبه بتفاصيلها وحكاية تاريخها يأنس بذكراها.. خنقته العبّرة وهو يردد أبيات نظمها.
الشاعر والراوي ناصر المسيميري يقول فيها:
سيرت بالقوعي وهلت دموعي
متذكر وقت مضى يوم أنا فيه
متذكرٍ وقت مضى مع إربوعي
واليوم ماكن النشاما مشو فيه
باقي منازلهم خراب يروعي
ما منهم اللي يسمعك لو إتناديه
والله لمره كل طالع اسبوعي
ما دام لي قدرة يمين ما أخليه
فقد أبا صالح الشعلان لم يكن حدثاً عابراً فذلك الشيخ ترك بصمة في قلوب كثيرة فجاءت الحروف والتغريدات تحمل مشاعر أسى الفقد والرحيل فتغريدة الأستاذ محمد صالح العوفي جاء فيها:
(رحل صاحب القلب الرقيق.. والحضور الجميل والكلمات الحانية.. الذي تسبق دمعته كلمته..صديق أبي والجميع).. أما ابنه متعب فجاءت تغريدته بنبرة الحزن والرحمة ومنها ( انتقل إلى رحمة الله والدي وحبيبي وقطعة من قلبي رحم الله رقيق القلب حنون الصدر جميل الخلق والخُلق) أما ابن أخيه الشاعر ناصر الصالح الشعلان فقد فاضت قريحته بأبيات جاء فيها:
مرحوم ياللي بأول العشر مدفون
عنا رحل جسمه وباقي له اذكار
يبكي عليك اللي لطبعك يعرفون
ويبكي عليك العم والخال والجار
ويبكي عليك الكرسي اللي يحطون
عنده كتاب الله تتلو بالأسحار
كم من يتيم كافله سر مدفون
بينك وبين اللي به الكون ستار
أنت الحنان أنت الرضا بعدك الكون
ما عاد له في خاطري أي مقدار
عهد علينا والرجاجيل يا فون
نمشي على دربك صغيرين وكبار
أما حفيده محمد المتعب والذي كان قريباً من جده ففاضت مشاعره بكلمات رقيقة قائلاً:
(سيبقى ألم وفاتك ينغص قلبي.. سيبقى مكانك خالياً ستظل جزءاً من حياتي ودعائي..اللهم أرحم ذلك الوجه المبتسم والنفس الراضية والقلب الحنون).
رحل أبا صالح بعد رحلة حياة مليئة بالمحبة والحنان والتفاؤل.. رحل بعد أن كانت مكارم الأخلاق نهجه.. رحل بعد أن كان قريباً من ربه.. دعاؤنا له بالمغفرة والرحمة وأن يكرم نزله ويحسن عزاء أهله وأخيه وأولاده وبناته وأحفاده ومحبيه وأسرة الشعلان بالوطن الغالي عظم الله أجرهم وجبر مصابهم وألهمهم الصبر والسلوان بفقيدهم الغالي أبا صالح.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}