فكَيفَ تَلَذُّ طَعمَ العَيشِ نَفسٌ
غَدَت أَترَابُها تَحتَ التُرابِ
رحم الله رفيق الصبّا إبراهيم بن عبدالعزيز الصالح الذي انتقل إلى دار الباقية يوم الجمعة 25-11-1443هـ، وأُديت الصلاة عليه عصر يوم السبت 26-11-1443هـ، بجامع الحزم بمحافظة حريملاء، ثم وُورِيَ جثمانه الطاهر بمقبرة (صفية) - غفر الله له - وقد سبقته عقيلته (أم محمد) إلى ملتقى الراحلين منذ شهر تقريبًا، فأصبح منزلهما خاليًا منهما - رحمهما الله رحمة واسعة - ولسان حال أحبتهما يردد في خاطره معنى هذا البيت:
تتابعَ أحبتي وَمضوا لأمرٍ
عَلَيهِ تَتابَعَ القَومُ الخيارُ
وكانت إطلالته على الدنيا مولودًا في بداية الخمسينات الهجرية ونشأ بين أحضان والديه ومع إخوته وأخواته ورفاقه يقضون الساعات في فرح ومرح، وعند بلوغه السابعة من عمره ألحقه والده في إحدى مدارس الكتّاب لتلاوة القرآن الكريم وحفظ ما تيسر من قصار السور، كما استفاد من سماع الدروس التي تقرأ في المساجد بعد صلاة العصر وقبل العشاء، وكان يعمل مع أهله في شؤون الفلاحة والزراعة على الرغم من صغر سنه، وبعدما كبر اشترى سيارة نقل ينقل بها الركاب إلى الرياض وإلى البلدان المجاورة معتمدًا على الله سبحانه وعلى ساعديه وكأنه قد سمع قول الشاعر القائل:
وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها
من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على (أَحدِ)
فهو رجل عصامي ومكافح، وبعدما تحسنت حالته المادية اشترى بعض المعدات الثقيلة (من القلابات والشيولات) وذلك في بداية النهضة العمرانية، وقد أسهم مساهمة فاعلة في تشييد وتنفيذ كثيرٍ من المباني في المخطط الجديد بمحافظة حريملاء، وكان من الأوائل الذين قاموا باستقدام الكثير من العمالة لتنفيذ وبناء المساكن للأهالي، وكان حسن التعامل مع الجميع ويراعي المحتاجين ويمهل المعسرين وربما يَعْفُو عن كثير منهم رجاء المثوبة من رب العالمين.
ولي مع (أبا محمد) ذكريات جميلة لا يمحوها تقادم الزمن حيث نُزاول بعض الألعاب المحببة إلينا في أوائل الليالي المقمرة مع رفاقنا وأقراننا، فنجد فيها المتعة، متمنين عودتها، ولكن هيهات رجوعها:
فَلَيسَت عَشيّاتِ الحِمى بِرَواجِعٍ
عَلَيكَ وَلَكِن خَلِّ عَينَيكَ تَدمَعا
- تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وألهم أبناءه المهندس عبدالعزيز وعبدالله ووليد، وبناته وشقيقته وعقيلته (أم عبدالله) وكل أسرة الصالح الصبر والسلوان.
وَغَداً سَيَذكُرُكَ الزَمانُ وَلَم يَزَل
لِلدَهرِ إِنصافٌ وَحُسنُ جَزاءِ
** **
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء