ولد عبدالله بن عبدالرحمن العبرة عليه رحمة الله عام 1390هـ بمحافظة عنيزة وودع الدنيا بعد أن عاش فيها أكثر من سبعة وخمسين عامًا ودفن بمسقط رأسه محافظة عنيزة يوم الاثنين 1443/11/14هـ بعد أن أُديت عليه صلاة الميت بعد صلاة العصر بجامع الشيخ محمد بن عثيمين.
بدأ أبو عبدالرحمن حياته العملية مرشدًا دينيًا بالرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نحسبه والله حسيبه من الذين استجابوا لقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
لقد رحل عن الدنيا الرجل الزاهد أبو عبدالرحمن عليه رحمة الله الذي نظر إلى الدنيا بمنظار قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام والذى يقول عنها (أَلا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلعونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّه تَعَالَى ومَا وَالَاه، وَعالمًا وَمُتَعلِّمًا).
لقد عاش الشيخ عبدالله في هذه الدنيا عالمًا وَمُتَعلِّمًا، بدأ تعليمه بمدرسة الضليعة السعودية ثالث مدرسة تفتح في عنيزة والتي سميت حديثًا بمحافظة عنيزة بموجب التنظيم السعودي الحديث للمناطق والمدن والمراكز والذى صدر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بموجب الأمر الملكي رقم أ/ 92 في 27 / 8 / 1412هـ، وعدل بالأمر الملكي رقم أ/ 21 في 30/ 3/ 1414هـ، الذي قسّم المملكة العربية السعودية إلى ثلاث عشرة منطقة. وبموجبه تتكون المنطقة الإدارية من إمارة وعدد من المقاطعات - المحافظات - يختلف عددها من منطقة إلى أخرى.
ومدينة عنيزة من أقدم مدن المملكة العربية السعودية وقد صنفت محافظة بموجب التنظيم الجديد وهي مدينة تضم أسرًا وعوائل كبيرة وعريقة مثل البسام والقاضي والعثيمين والزامل والنعيم والسعيد والشبيلي والعوهلي والصنيع والمؤذن والسناني وغيرها من الأسر الذين جمعوا بين العلم والتجارة وخدموا الدولة في كل المجالات العلمية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والاقتصادية يتقدمهم أمراؤهم آل سليم الذين يرجعون بنسبهم إلى جدهم الأمير زامل بن عبد الله السليم الثوري السبيعي (1243هـ 1827 أو 1828م- 1308هـ).
لقد عُرف عن جماعة عنيزة وحكامها السليم المواقف المشرفة مع حكام وملوك آل سعود بداية من الدولة السعودية الأولي والثانية حتى الدولة السعودية الثالثة فمواقفهم مع الملك عبدالعزيز وأبنائه مشرفة وجهودهم واضحة وتاريخهم ناصع أثناء التوحيد وبعده حتى يومنا هذا.
طلب المرحوم عبدالله بن عبدالرحمن العلم بمحافظة عنيزة محافظة العلم والعلماء، وجمع بين العلم التقليدي الشرعي، المتبع بالبلد، والعلم النظامي الحكومي متنقلاً بين حلقات المشايخ والمساجد وبين مدارس الحكومة التي تعلم بالمجان في جميع مراحل التعليم،
درس العلوم الشرعية بالمساجد والجوامع، وكان من الملتزمين بحلقات الذكر، ومن طلاب الشيخ محمد بن عثيمين، ودرس كتب ابن سعدي، وتبحر فيها, ونتج عن ذلك تمكنه من إلقاء الدروس بالمساجد، والتجمعات والمحافل، والمراكز الصيفية.
وأبو عبدالرحمن ينتمي إلى أسرة كريمة، من أسرة عنيزة المنحدرة من بريدة، التي ولد فيها والده عبدالرحمن، والذي انتقل إلى عنيزة بحدود عام 1318هـ.
والمتوفى عبدالله الذي ولد وترعرع بمحافظة عنيزة، ودرس وتعلم بمدارسها، إضافة إلى طلب العلم كما ذكرنا على علماء، ومشايخ عنيزة، وبتوفيق الله ثم بفضلهم، وحرصه على العلم حصل على معلومات علمية، وثقافية أهلته، ليكون عضوًا فعالاً في المجتمع السعودي والإسلامي.
ووالد المتوفى عبدالرحمن تربطه علاقة أسرية بعائلة الهويشل من عوائل بريدة ومن تجار القصيم (العقيلات) الذين جابوا الفيافي، وضربوا الطرقات، يتاجرون بالإبل، والمواشي، وله قصة مشهورة مع قطاع الطرق الذين سرقوا حلاله، وحلال الجربوع، وبعض تجار عقيل في الأراضي الأردنية، والتي ردت عليهم بعد اللجوء إلى الحكومة الأردنية.
ووالد المتوفى أخ لعبدالله الهويشل، وقد تزوج بنحو خمس عشرة امرأة منهن من ماتت في حياته بسبب الجدري أو أثناء الولادة حيث كانت النساء تلد بالبيوت دون المستشفيات التي لم تكن موجودة في ذلك الزمن، وأنجبن أكثر من أربعين ولدًا لم يبق منهم إلا ابنه صالح والذي سمي باسم جده صالح الرشيد من قرية القصيعة المتوسطة في موقعها ما بين بريدة وعنيزة تقريبًا وقد سماه والده عليه رحمة الله باسم جده صالح الرشيد، العبد الصالح إمام جامع القصيعة وخطيبها الأسبق.
بدأ الابن صالح تعليمه مع بعض إخوانه بمدرسة الضليعة، ثم أكمل تعليمه الابتدائي بدولة مصر العربية، بمدرسة التربية القومية بالزمالك، والمرحلة المتوسطة بقصر النيل في شارع التحرير، ثم رجع إلى المملكة العربية السعودية وحصل على الثانوية العامة من ثانوية اليمامة بالرياض.
وقد حصل المذكور على بعثة لأمريكا من قِبل وزارة الداخلية في عهد الملك فيصل عام 1391 هـ فتمكن من الحصول على البكالوريوس تخصص تطبيق القانون، عمل بالسلك العسكري وتخرج منه ليعين برتبة ملازم أول، وظل يعمل بالداخلية حتى وصل إلى رتبة نقيب، بعدها تقاعد وأخذ يتاجر بعد أن حصل على سجل تجاري باسم مؤسسة عبرة للتجهيزات العسكرية، نسأل الله له طول العمر والتوفيق بالدنيا والآخرة.
وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويظله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، إنه سميع مجيب.
وعزاؤنا للأخ صالح، ولابن المرحوم بإذن الله عبدالرحمن وإخوانه، وأخواته، ولأم عبدالرحمن خاصة، ولأسرة العبرة عامة، في عنيزة، وخارجها، ولا نقول: إلا ما يرضي ربنا إنا على فراقك يا أبا عبدالرحمن لمحزونون {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- علي محمد إبراهيم الربدي