عبده الأسمري
بين أرفف المكتبات وأحرف العبارات سكب «مداد» المعارف وسبك «سداد» المشارف ومن عمق «الاحتراف» إلى أفق «الاستشراف» بنى «صروح» المعاني» من لبنات «التفاني» ليكون الموجه «السري» لسرايا «الإلهام» المنبثقة من «ذات» دؤوبة والوجيه «العلني» لعطايا «الإسهام «الموثقة في «نفس» دائبة..
ارتهن للتوثيق وارتكن للتحقيق فكانت «البدايات» لعبته المفضلة في ميدان «التاريخ» وظلت «المبادرات» مهاراته المحببة في ميزان» النتائج» حيث وضع «نقاط» التحول على «سطور» التغيرات فنطقت «علناً» في حضور «الفكر» وتماثلت «معنى» أمام حضرة «الرقيب»..
استلهم من «المثابرة» روح «المصابرة» التي تجاوز بها «عقبات» البحث وأحتاط بها أمام «عواقب» النقاش ليستوطن «دار» التأليف مشكلاً «ألفة» اجبارية جمعت بين «المواهب» و»المصاعب».
إنه الباحث والمؤلف والكاتب الأديب محمد عبدالرزاق القشعمي أحد المؤرخين والمثقفين في السعودية والخليج.
بوجه «نجدي» الملامح طغت عليه علامات «المشيب» واستوطنته سمات «الطيب» وتقاسيم مألوفة ازدانت بأناقة شخصية تعتمر الأزياء الوطنية العامرة بالذوق وشخصية «فريدة» الأداء «سديدة» الطرح وكاريزما تتسم بالهدوء تتسامى منها معالم «الإنصات» وتطغى وسطها اتجاهات «الثبات» وصوت جهوري بلكنة خاصة تتقاطر منه «مفردات» فصيحة وتتسطر وسطه «عبارات» حصيفة ولغة «فصحى» في مواطن «المسؤولية» ولهجة «مثلى» في مجالس العائلة قضى القشعمي من عمره «عقوداً» وهو يضيف إلى «خزائن» المكتبات «أرصدة» سنوية باذخة بالقيمة الفكرية وبالمقام المعرفي.. صحافياً وكاتباً ومثقفاً وأديباً ومؤرخاً امتثل لبعد «نظر» صائب جنى من خلاله «ثمار» المنافع واضعاً اسمه في «قوائم» المبدعين ووسط «مقامات» المؤثرين..
في قرية «معقرة» القابعة في نفوذ «الثويرات» بمحافظة «الزلفي» ولد عام 1945 في منطقة تحيطها «الرمال» من اتجاهاتها الأربعة ودبت في شرايين المساء الصحراوي حينها «بشائر» البهجة وتناغمت «أهازيج» البداوة مع «اريج» الحفاوة احتفاءً بقدومه الميمون وتفتحت عيناه على والدين كريمين وحياة «بدائية» موغلة في «العناء» وارتسمت في مخيلته «الصغيرة» تضاريس مرض «الجدري» وهو يرسم أخاديده المؤلمة في وجوه «المرضى» ورصد صغيراً «معاناة» المعيشة في مرابع قومه فتعمقت في وجدانه «مسلمات» الصبر و»حتميات» الألم في مجتمع مكتظ بالمرض والعوز والفقر.. وتعتقت نفسه بروائح «الهيل» في خيام «الطيبين» ولوائح «الضيافة» في طبائع «الأولين» مكملاً مساءاته بالاستماع إلى مواقف الشهامة ووقفات المروءة التي كانت تشبع بها والدته «غروره» الباكر الباحث عن «اليقين» في مساحات «التساؤل».
ركض القشعمي مع أقرانه في «رمال» نجد «الذهبية مراقباُ اثار أقدامه في «الصحراء» مستأنساً بالمشهد «البصري» المذهل نهاراً ليكمل ليله بعد النجوم التي كانت «حيلة» عائلية لخلود «الصبية» إلى النوم..
التحق في الخامسة من عمره بكُتّاب القرية، ودرس فيها ثم التحق بمعهد الرياض العلمي ثم توظف في «رعاية الشباب» التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية حينها وتنقل بين عدة مدن سعودية مسؤولا عن مكاتب رعاية الشباب، ثم تم تعيينه سكرتيراً للأسابيع الثقافية السعودية في عدة دول، وقد ترأس القسم الأدبي بالشؤون الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب بالرياض وكلف بعضوية الأمانة العامة لجائزة الدولة التقديرية للأدب، ثم فضل التقاعد المبكر عن العمل ليعمل مسؤولا عن الشؤون الثقافية بمكتبة الملك فهد الوطنية وتبنى مشروع تسجيل «التاريخ الشفهي للسعودية» بلقاءات كبار الأدباء ورجال العلم والتعليم والمال والسياسة، وسجل سيرة أكثر من 300 شخصية سعودية وألف أكثر من أربعين كتاباً مطبوعاً في الثقافة وفي السير لبعض رموز الأدب والتاريخ والشعر.
بعد سنوات من «العمل» الدؤوب و»الفعل» الدائب يتردد صدى القشمعي في مساحات «السمعة» العاطرة التي أسسها بواقع «الانتماء» الوطني ووقع «النماء» الشخصي..
اتجهت «أنظار» القشعمي إلى «اتجاهات» البراعة في سجلات «الكبار» في عوالم «الصحافة» و»الأدب» و»الثقافة» و»التاريخ» فتحول إلى «متحدث رسمي» باسم «الرصد» و»ناقل موثوق» برداء «التقصي» فظل أعواماً وهو ينبش «الذاكرة» ويلتقط «المتون» ويؤصل «الشؤون» واضعاً في يمناه «الوثائق» وفي يسراه «الحقائق» ليكتب للوطن «فصولاً» جديدة من «الإرث» المعرفي المشهود لشخصيات أضافت «أعداداً صحيحة» إلى معادلات «التأثير» و»أرقام صعبة» في معدلات الأثر.. وقد تم تكريمه في عدة محافل وله تواجد «مهيب» في مناسبات الوطن وفعاليات البلاد يعكس صولاته وجولاته ومآثره التي حولته إلى «شخصية» ذي فنون أبرزها تشكيلاتها برسوم خالدة ووسوم ماجدة على بوابات «الضياء».
يقضي القشعمي ثلثي وقته في مجالسة «الكتب» ومرافقة «المجلدات» متخذاً من مكتبته «الخاصة» منبعاً لا ينضب من «السعادة» الفكرية ونبعاً لا يتوقف من «المتعة» الذهنية.
محمد عبدالرزاق القشعمي.. المؤلف الخبير والمؤرخ القدير الشاهد على «الإبداع» والمصادق على «الإمتاع» صاحب المسيرة الممتلئة بعبير «الفكر» وأثير «الذكر».