كثيرة هي المحفزات وأشكال التشجيع والدعم التي تحظى بها المسيرة التعليمية في وطننا، ومن بين أبرزها تخصيص أصحاب السمو الأمراء (أمراء المناطق)، نهاية العام الدراسي، يوماً لمشاركة أبنائهم الخريجين والخريجات الفرحة من الجامعات والكليات، على مختلف تخصصاتها وأهدافها، وهو اليوم الذي كان حلماً لدى كل طالب وطالبة وتحقق بجهد علمي منظم متواصل.
وذلك تقديراً للطالب والطالبة، وتثميناً لدورهما الذي سيقدمانه مستقبلاً، في مجال التنمية وصون الهوية الوطنية والحفاظ على المكتسبات وترسيخ حب الوطن في نفوس أبنائه وتعزيز جهود إعلاء مكانته.
فمشاركة الفرحة والبهجة، التي قام بها أصحاب السمو أمراء المناطق في أرجاء وطننا الحبيب، ولقاءات التفاؤل والمودة مع أبنائهم الطلاب والطالبات في الجامعات والكليات، ضرب بها الوطن، قيادة وشعباً، المثال الرائع لقوة التلاحم، وقدّم من خلالها درساً ذكياً في صناعة الأوطان وإكبار مكتسباتها وتعظيمها، فقد ترجم الحضور واللقاءات، قوة الانصهار والقرب، والتواصل بين الراعي والرعية، والتي تتأكد في كل زمن قوة وتأثيراً، فيما تمثله من أساس صلب في كل طموحات التطور والتنمية والازدهار.
دلالات بليغة أعطتها نتائج هذه المشاركة، التي أبرزت بوضوح ماهيَّة الثوابت في المملكة، وماهيّة المتغيرات، لترسم اتجاه المرحلة التاريخية القادمة، التي نتفاءل فيها بتحقيق نهضة تنموية كبيرة، بقيادة ورؤية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، ومساندة ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله -، وإخوانهم أمراء المناطق والنواب، وأول تلك الثوابت التي شدد عليها أصحاب السمو الأمراء، أن الإنسان سيبقى على قمة الأولويات، وأنه الثروة الأهم والاستثمار الأنفع.
مكرمات القيادة الرشيدة - أعزها الله - بدعم التعليم في ميزانية هذا العام بـ 185 مليار ريال مؤشر قوي وواقعي على هذه الرسالة، وعلى أن الإصلاحات الأساسية للتعليم في المملكة تسعى لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية لمؤشرات الأداء الرئيسة المتعلقة برؤية المملكة 2030 التي تحدد الجهود الوطنية لتنفيذ استراتيجيات التنمية المستدامة وجودة الحياة والتعليم للجميع ستبقى أولاً وثانياً وثالثاً وقبل كل شيء، كما أن مكرمات القيادة الرشيدة في ملف التعليم تؤشر على مدى تلمس القيادة بالاستثمار في التعليم، ومبادرتها السريعة خلال العامين المنصرمين، لتلبية كل ما يرتقي بمستوى التعليم وتطويره ومحاكاته للعصر وفق أعلى المقاييس والممارسات الدولية، ويضمن له تحقيق التنمية المستدامة.
أما المتغيرات، فقد جسدها حرص القيادة الرشيدة الكبير على إصلاح المناهج وأساليب التدريس، ومراعاة التغيرات الناتجة عن العولمة وتغيّر المناخ والثورة الرقمية، ما يعطي دلالة واضحة على عزم المملكة على إحداث قفزات وتحولات نوعية في ملف التعليم، وذلك بوتيرة متسارعة وجهود مضاعفة، على أسس قوية مبنية على مراعاة التغيرات الناتجة عن العولمة وتغيّر المناخ والثورة الرقمية، إضافة إلى تعزيز التعليم القائم على أساس حقوق الإنسان واحترام التنوع الثقافي، ودمج التثقيف البيئي في جميع البرامج المدرسية، إلى جانب التدريب على استخدام الرقمنة وتعزيز الإتقان التقني ومهارات النقد والبصيرة الثاقبة في التعليم، ويؤشر الدعم على أن جميع ذلك سينال اهتماماً كبيراً في المرحلة القادمة على صدارة الخطط الوطنية الهادفة لإحراز نقلات تنموية واقتصادية كبرى.
موافقة مجلس الوزراء مؤخراً برئاسة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - على استحداث بند «البحث العلمي»، ضمن ميزانية وزارة التعليم؛ ترسم بكل دقة مسار المرحلة القادمة، وأولوياتها الوطنية، وهي بلا شك مرحلة تبشر بمنجزات نوعية بشكل مضاعف واستثنائي، بفكر ورؤية استراتيجيين لقيادة رشيدة، تعطي من الميدان التعليمي ومن أرضية الواقع إِشارة هي في غاية الأهمية بأن هذه الملف والأولوية سيحظى بدعمها ومتابعتها الشخصية والمباشرة، ما يبعث تفاؤلاً وثقة كبيرة بأن وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) يمضي بكل عزيمة وإصرار نحو إكبار مكتسبات الوطن وأبنائه، والارتقاء بمكانته العالمية نحو التميز، وترسيخ مثاله التنموي الريادي والملهم.
وفي مسيرتهم ترى روعة الهدف، وفي مشالحهم وقبعاتهم تتلمس بهجة وواقعاً مختلفاً.
أما في خطواتهم التي يخطونها فتقرأ تعابير الوجدان واللسان، إنهم بشائر التقدم (الخريجون والخريجات) في الجامعات السعودية، الذين تحولوا إلى واحدة من مخرجات المشهد التعليمي العالي وأحد أعمدة تلك اللحظة الغنية بالفرح الثرية بالآمال والطموحات، فلا حضور لافت للجامعات على الأرض من دون خريجين وخريجات، التي لا يمكن للكآبة أن تعرف طريقها إليك وأنت تطرق أبواب الحديث معهم أو مع أولياء أمورهم.
تجربة الخريجين والخريجات في الجامعات ثرية في تعابيرها، وهي التي اعتادت السير في دروب العلم والمعرفة من دون أن تختل عزائمها، لتحاول من خلال ذلك مواجهة تحديات سواد الأزمة في ظل جائحة كورونا ليغدو ذلك لاحقاً منجزاً شخصياً قادراً على التعبير عما يدور في عقلها، أو «مسيرة خريج وخريجة» تتكامل عناصرها في كوادر المشاهد الفرائحية الجذلى، فهي بحسب ما دأبت على ترديده «شكراً»، يقولونها للوطن الذي أعطاهم الكثير، ولحكومتهم الرشيدة، التي جعلت التعليم في مقدمة اهتماماتها، ولآبائهم وأمهاتهم الذين سهروا في انتظار هذه اللحظات التي لا تنسى، ولأساتذتهم الذين علموهم أن العلم النافع هو مفتاح التطور وركيزة النهضة والطريق الوحيد إلى الازدهار.
حيث يأتي ذلك إيماناً من تلك التجربة بأن ذلك «يذهب بوفائهم نحو آفاق غير محددة»، ذلك الوفاء الذي نجح فيه الخريجون والخريجات في التعبير عنه من خلال مسيراتهم في حفلات التخرج التي حضرها أصحاب السمو أمراء المناطق، في تلك الجامعات التي يناهز عددها الـ42 جامعة، لكل واحدة منها توجهها، وتخصصاتها وأكاديمييها، وأماكنها.
إنها لسعادة بالغة أن نحتفل في كل عام بتخريج كواكب جديدة من الخريجين والخريجات في الجامعات السعودية.
إن فرحة المناسبة يجب ألا تنسينا أن نذكر أبناءنا الخريجين وبناتنا الخريجات بأن فترة التأهيل والإعداد والأخذ قد انتهت، وأنه قد حان وقت العطاء.. إن الوطن الغالي في انتظار عطائك فلا تبخل عليه.
فالوطن أمانة في عنقك، فأخلص في خدمته ورفعة شأنه، ووظف كل طاقاتك في سبيله، لا تبخل عليه بشيء.. إنه الوطن الذي ترخص في سبيله الروح والمال والولد.
وأنت تشارك في بناء الوطن لا تنس أن تكوِّن نفسك.. لا تتقمص شخصية أخرى غير شخصيتك الحقيقية، فإنك إن فقدت شخصيتك فقدت نفسك، ومتى فقدت نفسك فقدت الحياة.
يا بني: إن فرحة الوطن بك نابعة من محبتك له، واستعدادك للدفاع عن حياضه، والمشاركة في بنائه ومواجهة التحديات التي تواجهه، وإن إعدادك الجيد يضمن بعد التوكل على الله استعدادك لتحمل المسؤولية وحمل الأمانة لدفع الوطن إلى التقدم والرقي.
وأوصيك وأنت تتسلم مسؤولياتك بالتمسك بالأخلاق، فعلم الأخلاق أساساً هو علم الخير والشر، فعليك البحث عن الخير والدعوة إليه ومعرفة الشر والنهي عنه، فالتربية الأخلاقية تعمل - أولاً - على غرس روح الخير في النفوس، ونزع روح الشر منها، ثم تكوين قوة الإرادة الأخلاقية التي يستطيع المرء بها - كما يقول الدكتور مقداد يالجن - تجنب الشرور والاندفاع وراء الخيرات، والتسابق في تقديم أكبر قدر ممكن من الناس على مستوى الأفراد والجماعات والدول، ثم السعي وراء الأفضل والأحسن في الأعمال والصنائع، وأخيراً التضحية من أجل هذا وذاك، وترجيح مصلحة الأمة على المصالح الشخصية والانضباط الاجتماعي ومراعاة الأنظمة.
إن الآمال معلقة عليكم.. لأنكم تمثلون المستقبل والأمل. وليمتزج الدعاء بالتوفيق مع الأمل في الاستجابة.
حقق الله الآمال، وسدد الخطى، وبارك السعي، وجعل الله لنا جميعاً من أمرنا رشداً، ورعى الله هذا الوطن بقيادته الأمينة.
** **
@Alshamlan641تويتر