عبد الله سليمان الطليان
لا شك أن القوة العسكرية عنصر أساسي في حماية أي كيان أو بلد توفر له الأمن، وكذلك الردع المقترن بالرهبة لدى كل عدو، وهذا مذكور في القرآن الكريم من خلال قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ..} ولقد طبقت هذا الدول الغربية منذ فترة طويلة، كان درس الحرب العالمية الأولى والثانية اللتين وقعتا فيهما معارك دامية وطاحنة قضت على الإنسان والمكان، والذي غلب عليها التوجه الاستعماري، هو المحفز على صنع هذه القوة في البداية، التي ازدادت نموًّا وقدرات قتالية عالية ومتقدمة أصبحت تمثل رعبًا وليس خوفًا فقط من خلال الأسلحة النووية التي تملكها بعض الدول في وقتنا الحاضر، ومنها الدول الغربية التي تقول دائمًا إنها وسيلة ردع، وتحاول جاهدة من منع انتشارها بشتى الطرق متذرعة في عدم وقوعها في أنظمة مستبدة أو فوضوية هي بعيدة عن النظم الغربية التي تتمتع بالديمقراطية الصحيحة والمتزنة، والتي راحت تسوقها بشكل مخجل بل وفاضح بعد أن أحكمت السيطرة بفعل القوة، هذه الديمقراطية التي أصبحت سلاحًا لتحقيق مصالح ونفوذ وبسط هيمنة وخاصة عبر الناحية الاقتصادية، يقول أمريكي مخضرم إن إعلان الرئيس ودرو ويلسون (أن العالم يجب أن يجعل آمنًا من أجل الديمقراطية) قد قدم على أنه العقيدة المحركة وراء سياسة الولايات المتحدة الخارجية لمعظم القرن الماضي.
من الواضح أن هذا الكلام مضلل، وإذ عندما تتحدث الولايات المتحدة عن نشر الديمقراطية فإن ما تعنيه حقًّا هو نشر ما يروق لها من الديمقراطية الليبرالية، فالحقيقة أن سياستها توحي بأن ما تهتم به أكثر من غيره هو العنصر الليبرالي فقط، أو حتى بشكل أكثر تحديدًا، العناصر الاقتصادية فقط في الليبرالية، فهي تشجع المواقف الليبرالية من حقوق الإنسان فقط إلى الحد الذي تتماشى فيه مع تنمية اقتصاد سوق، لهذا جعلت أمريكا الديمقراطية قناعًا لحماية المصالح الاقتصادية.
لهذا لا يمكن لأي دولة صنع مستقبل من غير قوة، الصين هي المثال الحي على ذلك فبالرغم من الحملات الغربية السياسية التي تلقى زخمًا إعلاميًّا هائلًا وخاصةً في مسألة حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية إلا أن الصين أصبحت الآن قوة ذات نفوذ كبير على الساحة الدولية ليس على المستوى العسكري بل الاقتصادي الذي بدأ يؤرق القوى الغربية التي تريد الاستفراد بالعالم وعدم نزع السيطرة والهيمنة التي تتمتع بها.