عبدالله خوجة
هل نحتاج المزيد من الوقت للخروج من مظاهر تكدس المسافرين الحالية في صالات المطارات حول العالم، ومن تأخير عمليات شحن الأمتعة والتخوف من فقدانها؟ وهل هناك فرصة قريبة لعودة حركة السفر قريبًا للحياة الطبيعية.
هذه التساؤلات التي يلاحظها ويطرحها كل المسافرين، وكل من يفكرون في قضاء إجازات تعيد لهم حياتهم التي كانوا يتمتعون بها قبل جائحة كورونا، يشاركهم فيها كل الذين يستخدمون وسائل النقل الدولي المختلفة، البحرية والبرية، وبالتالي فلا يكاد يكون منا أحد إلا وجد نفسه يردد هذا السؤال، وتردده معه وسائل الإعلام المختلفة، ويشغل بال قيادات المنظمات المختلفة، الرسمي والخاص.
التوقعات من داخل قطاع السفر والنقل إلى أن هذا الارتباك العام سيأخذ بالأسعار إلى الاستمرار في الارتفاع، إلى أن تعود جداول الرحلات لكامل طاقتها التشغيلية، والوصول الى التوازن التشغيلي، ويحتاج هذا لجهود كبيرة من طواقم التشغيل داخل المطارات المختلفة وطواقم أعمال الصيانة، ومن المصانع لتأمين قطع الغيار الدورية للطائرات، وتأمينها لا يرتبط بتصنيعها فقط، وإنما تحتاج لوقت أطول من الماضي كي تصل من المصنع إلى الجهة المستفيدة، نتيجة التعثرات التي يعاني منها المجال اللوجستي في كل أشكاله.
التأخر في نقل قطع الغيار الذي قد يستغرق أو يزيد عن ثمانية أشهر لن يكون الفصل الأخير من الحكاية التي يتمنى أن يتخلص منها العالم، إذ إن هناك مرحلة مهمة تليها قد تجعل الحكاية كلها تبدأ من جديد،النقص في موظفي الخدمات الأرضية في المطارات يشكل تحديًا آخر أمام عودة الرحلات إلى الانتظام، ففي ظل الجائحة سرحت شركات الخدمات الأرضية العديد من موظفيها نتيجة توقف نشاطاتها، واستعادة هؤلاء الموظفين، وخصوصًا المؤهلين منهم لن يكون أمرًا سهلا، فكثيرون ممن كانوا منتظمين في أعمال الشركات، تدبروا أمورهم للعمل في أماكن ومجالات أخرى، وسيزيد من صعوبة استعادتهم، التعثرات الكبرى التي يعاني منها القطاع، إضافة إلى الحاجز النفسي الذي رسمته الجائحة عن مدى هشاشة هذا القطاع.
شركات الخدمات الأرضية بدأت بجدية تحاول إيجاد خطط تعالج مشكلة النقص الوظيفي الذي وجدت نفسها فيه، فشرعت بعمليات سريعة لتعيين موظفين جددا وتدريبهم، وهذه العملية مع أنها يتوقع استغراقها أكثر من 6 أشهر إلى عام أو أكثر، إلا أن غياب الخبراء أو قلتهم بسبب الإحلال الجديد، من المتوقع أن تنتج منه تحديات لن يتعافى منها القطاع سريعًا.
فإذا أضفنا لذلك ارتفاع أسعار وقود الطائرات، وعدم وجود طاقة بديلة في المدى المنظور لتشغيل الطائرات، وتأخر المصانع الكبرى في تأمين طلبات الطائرات الجديدة بسبب نقص المواد التي تحتاجها مصانع الطائرات، بسبب أن تلك المصانع المنتجة لتلك المواد تأثرت هي الأخرى من الجائحة، وبالتالي الإبقاء على الاسطول القديم ما سيتسبب بعدم القدرة على رفع قدرة التشغيل، الأمر الذي سيزيد حدة الفرق بين العرض والطلب. عدم التوازن سينعكس في اتجاهين: ارتفاع الأسعار، وانكماش في سوق السفر لأن كثيرين لن يستطيعوا تحمل تكاليف السفر.
الأحداث السياسية حول العالم جاءت أيضًا وأكملت المشهد التراجيدي في القطاع، وكأنه لا يكفيه ما فيه، فما يجري حاليًا في روسيا من تعطل جزء كبير من أسطول الشركات الروسية، والبحث عن شركات بديلة لنقل وإجلاء المتضررين من الحرب ونقل البضائع والمواد الغذائية، انعكس بشكل سريع ومباشر على القطاع في كل نواحيه وأماكن عمله.
كل هذا يعني صيف أسعار ملتهبة، ومستوى في جودة الخدمات منخفض حتى نهاية العام على أقل تقدير، ما يستدعي من العاملين في القطاع أن يتخففوا من عقلية التنافس الحاد، ويتجهوا نحو طاولات حوار تنقذ القطاع بأكمله إذا أرادوا النجاة.
حتى ذلك الحين، قد تكون السياحة المحلية الداخلية الرابح الوحيد في هذا المشهد.
** **
- مهتم بالقطاع اللوجستي