د.أحمد بن علي آل مريع
في ظل الأنظمة المالية المعقدة، والعلاقات التسويقية البراغماتية لا يصبح للكلمة معناها المعهود في المعجم القيمي المتعارف عليه اجتماعيا..
فلفظة «الثقة» لا تدل على معناها إلا من خلال سجل توصيف خاص واعتمادات مصنفة.. ومن ثَمّ لا تعجب من وجود تصنيف يميز بين (ثقة1) و(ثقة2) وثقة بلص (ثقة+) كما أن هنا (ثقة) لا تقدم أكثر من «ورقة مخالصة للعميل» على طريقة: «يا دار ما دخلك شر»، أو مقولة: «رجع بخفي حنين» أو ورقة إخلاء مسؤولية الجهة فقط دون العميل، الذي تكفيه ورقة إثبات الحالة؛ على طريقة «قنع من الغنيمة بالإياب» أو مقولة: «كقابض على الماء خانته فروج الأصابع»..
وكذلك كثير من الألفاظ مثل: ملتزمون، معتمدون، ضامنون، مباشرة، فورا، شامل، وغيرها كثير، فكلها لا معنى لها إلا في سياقات توصيف نفعية مدونة تختلف عما يعرفه معجم منظومة القيم الاجتماعية التي تقوم على المودة والإيثار والتسامح..
لذلك علينا ألا نبادل تلك الألفاظ بداهة الاستجابة الاجتماعية وفقا لمرجعية المعجم الاجتماعي الذي اكتسبناه من ثقافتنا وعلاقاتنا، وعلينا أن نتأنى فنسأل عن معناها وحدودها في سياقاتها التسويقية والبراغماتية الحادثة، وأن ننصف أنفسنا فنأخذ وقتا لفهم تلك الألفاظ، ونستعين بمن يوضح لنا معانيها الجديدة ومساحات نفوذها، ونحدد حاجاتنا بدقة لأن معرفتنا بحاجاتنا بدقة تمنحنا فرصة جيدة للحوار والاختيار، حتى لا نكون كالقطاة التي تغريها الذرة في الشرك، فالسذاجة لا مكان لها في تلك التعاملات، التي تعلن بوضوح شديد: أنها تنظر إلى العميل كحصة من السوق، وتذكر أن قوتك في تخفيف التزاماتك، وفي قدرتك على المناورة والمقايضة، ولا شيء آخر.
** **
رئيس نادي أبها الأدبي - عميد الكلية التطبيقية بجامعة الملك خالد بأبها