يرى الأطباء والمتخصصون في علوم الحركة الرياضية والنشاط البدني أن (رياضة المشي) من أفضل الطرق البسيطة, والسهلة للحفاظ على صحة وسلامة وعافية الجسم بشكل عام, ولذلك حرص الإسلام على تأصيل علاقة الإنسان بالرياضة باعتبارها حاجة اجتماعية مستمرة، وبالتالي أصبحت لها مكانة كبيرة في الإسلام، وللرياضة فوائد عديدة يصعب حصرها في هذا المضمار، ولكن أهمها إعطاء الجسم حقه. وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لجسدك عليك حقًا) رواه البخاري، كما أن من مميزات وفوائد الرياضة في الإسلام أنها ليست هدفاً في ذاتها, بل وسيلة حيوية للأعمال الصالحة, وتكشف لنا الأحاديث النبوية بعض أنواع من الرياضات في تاريخ الإسلام تضم مجالات عديدة لا بد أن يجد كل شخص نفسه في إحداها على الأقل، فهناك رياضة المشي, ورياضة السباحة, ورياضة ركوب الخيل, ورياضة النفوس، ولا شك أن رياضة المشي تدخل تحتها عدة أنواع: المشي العادي، والهرولة، والجري. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم : يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً، وقالت عائشة رضي الله عنها: (سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته ما شاء الله حتى إذا أرهقني اللحم فسبقني فقال: هذه بتلك). رواه أحمد وأبو داود
ولأن رياضة المشي لها دوراً كبيراً في تحسين صحة القلب, وأعضاء الجسم, وتحد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة, فقد كانت رياضة المشي عند الوالد - رحمه الله- منهج حياة، وممارسة شبه يومية ونادراً ما يستخدم السيارة عند إحضار بعض الطلبات المنزلية, ولم يتوقف عن رياضة المشي إلا بعد أن بلغ (مائة عاماً)، وفقد الإدراك, وثقلت مشيته. وأقعده المرض, وبالتالي ضعفت عنده الأهلية العقلية بحكم عامل السن!
كان يحرص بعد أن يتناول الغداء حسب نظامه المتبع (ظهراً).. الخروج عصراً ماشياً, وحتى بعد العشاء يمشي نصف ساعة وكان يقول -غفر الله له- من تعشى يتمشى..! ليصبح منهج حياته اليومي الذي فرضه على نفسه بمحض إرادته, وحبه لهذه الرياضة التي حّث عليها ديننا الإسلامي القويم من أجل صحة بدنية ونفسية ووجدانية أفضل تساعد الفرد على القيام بالأعمال الصالحة, والهرولة في ميدان الطاعات بكل هّمة وحيوية ونشاط. ولا أنسى كان - رحمه الله- يحثنا على ممارسة رياضة المشي لأنها (مستشفى عام)..! يحمي ممارسيها من الأمراض العضوية - بإذن الله- وتحسين الصحة النفسية والعاطفية, والحالة المزاجية والإنتاجية, وفي الحديث الذي رواه الترمذي قال صلى الله وعليه وسلم (خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشي)، ولذلك من الأهمية بمكان نشر (ثقافة المشي) في المجتمع.. كونها ضرورة صحية, وحاجة مجتمعية.
رحم الله معلمي الأول (الوالد) الذي غرس في نفوسنا ووجداننا حُب (رياضة المشي) من خلال منهجه التربوي الأصيل, ومساره الإيماني السليم (كقدوة) صالحة لأبنائه وأحفاده وأسباطه في جوانب كثيرة.