د. فواز بن عبد الرحمن الحوزاني
أمرنا الله تعالى بأداء فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلا، ولأن الحج يجمع المسلمين من جميع دول العالم فإنه قد يساعد على انتشار بعض الأمراض والأوبئة التي ينقلها الحجاج معهم من بلدانهم لا قدر الله ولذلك فإنه من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الإصابة بالأمراض أثناء فترة الحج وللحيلولة دون انتقال هذه الأمراض بين حجاج بيت الله الحرام.
ومن أهم هذه الاحتياطات أخذ اللقاحات المنصح بها قبل الحج وتناول الأدوية الخاصة لمرضى السكري والضغط وغيرها من الأمراض المزمنة، والانتباه للغذاء أن يكون صحياً ونظيفاً.
* ما هي التطعيمات التي تعطى للحاج قبل الحج؟
- هناك عدد من التطعيمات تعطى للحاج قبل سفره وهي تساعد إن شاء الله في الوقاية من الأمراض التي تنتشر في الأماكن المقدسة فترة الحج ويجب تلقيها على الأقل أسبوعين قبل الحج ومن هذه اللقاحات نذكر:
1 - لقاح الحمى الشوكية: ويعطى كل سنتين مرة ويعطى للأطفال فوق عمر السنتين ويمكن أن يعطى للحوامل.
2 - لقاح الأنفلونزا: يفضل أخذه من قبل جميع الحجاج،حيث تكثر الإصابة بالأنفلونزا.
3 - لقاح الرئويات: يعطى في حالات خاصة مثل: مرضى تكسر الدم (فقر الدم المنجلي)، ومرضى الأمراض الرئوية المزمنة الانسدادية ومرضى الربو وكبار السن.
4 - هناك تطعيمات أخرى مهمة لكنها تؤخذ حسب البلد الذي حضر منه الحاج.
منها التطعيم ضد الكوليرا وضد الحمى الصفراء وجدري الماء (العنكز) والتطعيم ضد حمى التيفوئيد.
5- لقاح كوفيد 19 ويفضل أخذ الجرعات الأساسية الموصى بها عند عدم وجود مانع طبي لذلك قبل التوجه إلى الأراضي المقدسة.
الإجراءات والتوصيات الصحية العامة للحجاج:
توجد ضوابط جديدة لموسم حج 2022/ 1443 أن يكون للفئة العمرية أقل من 65 عاماً، مع اشتراط استكمال عملية التحصين بواسطة الجرعات الأساسية بلقاحات فيروس كورونا المعمول بها داخل المملكة.
كما اشترطت السلطات السعودية على الحجاج القادمين من خارج المملكة العربية السعودية تقديم ما يثبت سلبية نتائج فحص فيروس كورونا، هذا بجانب اتباع كل التعليمات الوقائية أثناء أداء مناسك الحج،في إطار المحافظة على صحة وسلامة الحجاج.
هناك إجراءات وتوصيات صحية للحاج عند وصوله للأماكن المقدسة يجب عليه الالتزام بها من أجل وقايته هو وإخوانه من حجاج بيت الله الحرام،
وتشمل هذه الإجراءات والتوصيات جانبين:
أ -التوصيات الغذائية خلال فترة الحج:
يجب الانتباه بشكل جيد لنوعية الطعام، فبعض الأطعمة قد تكون خطراً على الحاج وتسبب حرمانه من متعة العبادة وإذا كان الغذاء ضرورياً لبناء الجسم وتجديد حيويته ونشاطه فهو في الوقت نفسه من أسباب ضعفه ومرضه، ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حديث بليغ عن الطعام (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه).
* هناك نصائح غذائية مهمة ننصح الحاج بها:
- يجب غلي الحليب جيداً إذا كان غير مبستر.
- طهي الطعام جيداً وغسل الخضراوات الطازجة جيداً لإزالة أثر المبيدات التي تعلق عليه.
- لا تأكل الأطعمة غير المطبوخة، عدا الفواكه والخضراوات والتي تحتاج للتقشير.
- التأكد أن الأطعمة المتناولة مطبوخة حديثاً أو محفوظة بشكل جيد في الثلاجة، حيث إن الطعام ممكن أن يفسد إذا تم حفظه في الخيمة بدرجة حرارة عادية لمدة 5 ساعات.
- يجب الانتباه جيداً للمياه التي يشربها الحاج ويفضل أن تكون من الزجاجات المعبأة بعد التنقية.
- يجب تناول السوائل بشكل جيد لتجنب حدوث الجفاف عند الحاج نتيجة الإنهاك الحراري خاصة عصير الفواكه والشاي وهذا يساعد أيضاً في تجنب الإمساك ونضيف ملح الطعام للسوائل والوجبات خاصة في الجو الحار الرطب عند حدوث الإجهاد والإنهاك الحراري.
ب- وهناك توصيات صحية وقائية يجب على الحاج الأخذ بها:
1 - النظافة: وهي مطلوبة في جميع الأوقات فلا مانع من الاغتسال يومياً حتى عند المحرم في الأيام الأولى، ويجب غسل الأيدي قبل الطعام،وتكون النظافة في الطعام والشراب والملبس والإقامة.
2 - يفضل وضع غطاء على الرأس ونظارات شمسية واقية عند التعرض المباشر لأشعة الشمس.
3 - حاول أن تغطي نفسك جيداً أثناء الليل فقد يسبب البرد حدوث تقلصات عضلية في الجسم مما يسبب آلاماً.
4 - حاول ما استطعت الابتعاد عن التماس مع الحجاج المصابين بأعراض أنفلونزا واضحة وترك مسافة بين الحجاج.
* أهم الأمراض التي تنتشر خلال فترة الحج:
1 - الإنهاك الحراري وضربة الشمس:
قد تحدث درجات مختلفة من الإنهاك الحراري في أي وقت من العام، وتحدث عادة في الأماكن ذات الحرارة المرتفعة مع رطوبة عالية في الجو حيث يفقد الجسم كمية كبيرة من السوائل عن طريق التعرُّق وبالتالي يصاب المريض بضعف عام وصداع ودوار وإنهاك وتهيج، مع شحوب الوجه وربما يسقط على الأرض مغمياً عليه مع تعرق واضح وبارد وانخفاض الضغط الدموي وتكون الحرارة طبيعية أو منخفضة وتقل كمية البول.
أما ضربة الشمس: فتحدث عند تعرض الجسم لدرجة حرارة عالية جداً ناتجة عن التعرض لحرارة الشمس المباشرة خاصة إذا صاحب ذلك بذل مجهود جسدي كبير.
وأهم أعراض ضربة الشمس: ارتفاع درجة الحرارة عند الإنسان أكثر من 40 درجة مئوية ويحدث جفاف الجلد مع احمرار وسخونة الجلد، وهنا نجد انعدام التعرُّق، وقد تحدث لدى المريض نرفزة عصبية مع صداع وقد يحدث فقدان الوعي عند المريض في بعض الحالات.
* الوقاية:
1 - عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة، واستخدام الشمسيات الواقية خاصة ذات اللون الأبيض.
2 - الابتعاد ما أمكن عن الأماكن ذات الحرارة المرتفعة جداً والالتجاء إلى الظل ما أمكن.
3 - تناول السوائل بكميات كبيرة.
4 - إضافة ملح الطعام بزيادة عند وجود حرارة شديدة في الجو مع رطوبة عالية.
5 - الانتباه إلى عدم بذل جهد كبير كالمشي الطويل خاصة تحت أشعة الشمس وبوجود حرارة عالية خاصة.
العلاج: يكون العلاج في هذه الحالة بوضع المصاب في مكان بارد ورفع قدميه ومحاولة خفض الحرارة بالكمادات غير الباردة (لا تستعمل الثلج) وتوجيه مروحة هوائية مساعدة باتجاه مكان المصاب ويجب إعطاء المريض السوائل بكميات كبيرة مع إضافة ملح الطعام أو أخذ أقراص ملح أحياناً، ويجب عدم إعطاء السوائل بالفم إذا كان المصاب في حالة غياب وعي.
وفي الحالات الشديدة يجب نقل المصاب إلى أقرب مركز صحي أو المستشفى للعلاج، حيث يعطى السوائل الوريدية.
2 - أمراض الجهاز التنفسي
وهي تكثر في أماكن الازدحام وتزداد في موسم الحج ومن أهم هذه الأمراض الأنفلونزا ويمكن حدوث التهاب البلعوم والتهاب أذن وسطى أو التهاب جيوب وفي بعض الحالات ينتشر الالتهاب للأسفل ويسبب التهاب الشعب الهوائية والرئتين.
وأما أعراض المرض فتكون أولاً سيلان الأنف وآلام وتخريش في البلعوم مع ارتفاع درجة الحرارة وصداع وتعب عام وعطاس وسعال مع آلام بالعضلات والمفاصل ونقص الشهية.
* أما بالنسبة للعلاج فيكون باستعمال مضادات الاحتقان وخافضات الحرارة مع المضادات الحيوية عند اللزوم، وتفيد العصيرات واللبن الزبادي في تقوية المريض وتغذيته في حالة نقص الشهية المرافقة للمرض وتعطى البخاخات الموسعة للشعب الهوائية في حالة نوبات الربو.
3 - مرض فيروس كورونا (كوفيد-19)
هو مرض معدٍ يسببه فيروس كورونا المستجد (سارس-كوف-2).
يعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بمرض كوفيد-19 أعراضًا خفيفة أو متوسطة، ويتعافون من دون علاج خاص. لكن البعض منهم سيمرض بشكل حاد ويستلزم رعاية طبية.
* كيف ينتشر المرض:
- يمكن أن ينتقل الفيروس من فم الشخص المصاب بالعدوى أو أنفه عن طريق جزيئات سائلة صغيرة عند السعال أو العطس أو التكلم أو التنفس.
يمكن أن تصاب بالعدوى عن طريق التنفس إذا كنت قريبًا من شخص مصاب بمرض كوفيد-19 أو لامست سطحاً ملوثاً ثم لامست عينيك أو أنفك أو فمك. ينتقل الفيروس بسهولة أكبر في الأماكن الداخلية المغلقة والمزدحمة.
طرق الوقاية من الفيروس والحد من انتشاره: يجب التقيد بالإرشادات الصحية للحد من انتشار الأنفلونزا والالتهابات التنفسية المعدية بشكل عام وهي:
- المداومة على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون أو المواد المطهرة الأخرى التي تستخدم لغسل اليدين،
- تجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد، وتجنب الاحتكاك بالمصابين.
- ويجب استخدم المنديل عند السعال أو العطس وتغطية الفم والأنف به، والتخلص منه في سلة النفايات.
- لبس الكمامات الواقية يكون فقط في حالة الإصابة بأي مرض أو عند زيارة الحالات المصابة.
- الحفاظ على النظافة العامة بشكل عام.
-الحفاظ على العادات الصحية الأخرى مثل غسل الفواكه والخضار جيداً قبل تناولها
ويجب على المريض اتباع الإرشادات التالية:
تناول الأدوية الخافضة للحرارة والمسكنات عند الحاجة.
الإكثار من السوائل وأخذ قسط كافٍ من الراحة والحفاظ على تناول الغذاء الصحي.
4 - الحمى الشوكية - أو التهاب السحايا الدماغية:
وتحدث نتيجة الإصابة بجرثومة أو فيروس، تكثر في أماكن الازدحام والتجمعات كما في موسم الحج والعمرة.
طرق الانتقال:
- عن طريق الجهاز التنفسي، العطس والاستنشاق
أعراض المرض:
- تظهر الحرارة عند المريض مع صداع وإقياء وتعب عام وآلام عضلية ومفصلية وتختلف شدة الأعراض من مريض لآخر وقد تحدث التشنجات العصبية.
طرق تشخيص المرض: الأعراض السريرية والفحوصات الدموية مع إجراء سحب للسائل الدماغي الشوكي وفحصه.
* كيف نعالج المريض بالحمى الشوكية:
-بفضل الله هناك علاجات متوفرة لهذا المرض وتكون في المستشفى تحت الإشراف الطبي وتتجلى بإعطاء المضادات الحيوية القوية عن طريق الوريد مع محاليل ومعالجات عرضية.
5 - التهابات المعدة والأمعاء:
- طرق العدوى: عن طريق تناول الأغذية والشراب الملوثة عن طريق الفم ويمكن للأيدي الملوثة أن تنقل المرض ويمكن الإصابة بفيروس في البيئة المحيطة.
- الأعراض: آلام بطنية وإقياءات وإسهال أحياناً عند إصابة الأمعاء مع المعدة وقد ترتفع الحرارة مع نقص الشهية.
- أهم الاختلاطات: هي حدوث الجفاف وهذا ما يسبب سوء الحالة العامة ويتطلب العلاج في المستشفى.
* ما هي سبل الوقاية والعلاج؟
- النظافة الغذائية بشكل عام أهم سبل الوقاية ويجب ألا يتناول الحاج أي طعام يشك بنظافته أو صلاحيته للأكل أو يشك بسوء تحضيره.
وأما العلاج فيكون بتناول السوائل بكميات كافية للتعويض مع الحمية الغذائية بتناول الأطعمة المسلوقة والشوربة وقد نحتاج لإعطاء المضادات الحيوية مع أدوية عرضية ضد الإسهال والإقياء والمسكنات لخفض
الحرارة ومضادات المغص.
وأخيراً، والأهم، وأثناء أداء الحج، من المهم على الحاج أن يتبع التعليمات والإرشادات التي تضعها الجهات المختصة القائمة على تنظيم مناسك الحج، والتي من شأنها حمايتهم وتسهيل مهامهم، مثل إتباع طريق معين أو الابتعاد عن أماكن معينة، وغيرها، وأن يطلب المساعدة من الفرق الطبية المتواجدة في حال تعرض لأي سوء أو شعر بأي حالة صحية.
وأخيراً أسأل الله أن تكون هذه النصائح مفيدة للإخوة حجاج بيت الله الحرام و تساعدهم في الوقاية من الأمراض وأداء حجهم بصحة وعافية وأسأل المولى أن يكون حجهم مبرورًا وسعيهم مشكورًا أنه على كل شيء قدير.