أحمد بن عبداللطيف العامر
في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي نعيشه في عصرنا اليوم، وظهور متتالٍ وقوي لأشكال التقنيات الناشئة والتي جاءت بها الثورة الصناعية الرابعة، كان من البديهي استغلالها في نشاطاتنا خلال حياتنا اليومية، فنجد من بين أهمها هو الذكاء الاصطناعي الذي أحدث طفرة استثنائية في جميع المجالات لما له من فوائد لا تحصى، فما هو الذكاء الاصطناعي؟ وكيف تم استخدامه في وسائل التواصل الاجتماعي؟
جاء في تعريف الذكاء الاصطناعي أنه علم يهتم ويختص باختراع الآلات والبرامج الحاسوبية الذكية التي تحل محل الإنسان في العديد من المهام، ويرمز له بالرمز ai، وقد فرضت تقنيات الذكاء الاصطناعي واقعًا مختلفًا ومتطورًا على مواقع التواصل الاجتماعي, كما تعددت استخداماته عليها والتي تشترك في نفس الأهداف, ألا وهي دراسة المجتمع ومحاولة معرفة متطلباته واحتياجاته والعمل على تلبيتها, وتطوير الخدمات بشكل مستمر لتتوافق مع التغييرات الحاصلة في العالم، ومن بين تلك الاستخدامات الوصول إلى حقيقة مشاعر مستخدمي المواقع وذلك من خلال إتاحة ميزة التعبير عن انفعالاتهم ودراسة حالتهم النفسية إن كانت حبًا أو خوفًا أو قلقًا أو غضبًا وما شابه ذلك، للتمكن من معرفة الطريقة التي يفكرون بها ورصد اهتماماتهم مما تساهم هذه التحليلات في التواصل بشكل أسرع والتوصل إلى الحلول وتوسع دائرة المعارف، ورغم أن هذا الأمر قد يعتبر تجاوزًا للخصوصية إلا أن إيجابياته عديدة منها تتبع حالة المرضى ومساعدتهم على الشفاء بشكل أسرع من قبل المختصين، هذا إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة التنمر الإلكتروني من خلال تقنيات تم تصميمها لرصد التعليقات والصور السلبية والمسيئة للمجتمع والتدخل بشكل مباشر إذا استلزم الأمر ذلك، وقد أتاح التيك توك ميزة حظر 100 شخص دفعة واحدة في ظل محاربة هذا التنمر، إضافة إلى إمكانية تحليل ومعالجة البيانات التي يتم تداولها بشكل يومي على مواقع التواصل بين الأشخاص وذلك يعتبر بمثابة الحماية للمجتمعات، ويتم استخدام تحليل البيانات والمشاعر في معالجة اللغة الطبيعية واستخدامها في تطبيقات الاستجابة الصوتية والترجمة وقراءة العلامات التجارية وغيرها من الأمور الأخرى التي تطبق من خلال الذكاء الاصطناعي، كما تستفيد المؤسسات من تحليل بيانات المستخدمين في عمليات التسويق واتخاذ القرارات القائمة على تلك البيانات بشكل مدروس ومستهدف مما يساعدها على كسب جمهور أكبر في وقت قصير.
لقد لمع نجم الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة وأصبح ضرورة حتمية للنجاح ومواكبة التطورات، خاصة بالنسبة للمؤسسات العملاقة مثل أمازون، فيسبوك ومايكروسوفت والتي صرفت ولا زالت تصرف أموالًا طائلة لتحسن من تقنياتها على هذا الصعيد، فنجد روبوتات الدردشة تغزو مواقع التواصل وتحل محل البشر في التسويق وإجراء المحادثات مع عدد لا متناهٍ من الأفراد في آن واحد، إضافة إلى توجيه العملاء لصفحات معينة والعديد من الأمور الأخرى ولازالت للآن روبوتات الدردشة محل اختبار وتحديث في كل مرة للتحسين من قدراتها.
إذًا يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي هو من أهم الوسائل المستخدمة في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص والمؤسسات بشكل عام، فلا يمكن الاستغناء عنه فهو محرك الابتكار والازدهار، وتعتبر تقنيات الذكاء الاصطناعي بديلًا للإنسان في مواقع التواصل الاجتماعي من حيث التعامل مع البيانات الضخمة وفي الإعلام الرقمي والعملات الرقمية، كتقنية البلوك تشين التي تختص بالعملات المشفرة والخدمات المصرفية وغيرها، وتقنية الشات بوت (روبوتات الدردشة) والتي تختص بالمحادثات باللغة الطبيعية مع المستخدمين، وبما أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تعد فقط وسيلة للتواصل بين الأشخاص فقد أصبحت من أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام وتثقيف الشباب وتوعيتهم وكذلك العمل والتسويق، فسيكون الذكاء الاصطناعي هو البوابة الأولى والأكثر لجوءًا لدى الأجيال الحالية والأجيال القادمة بشكل أكبر.