تعيش بلادنا الغالية حرسها الله حدثا عالميا فريدًا من نوعه يتمثل في توافد ما يقرب من مليون مسلم هذا العام من أصقاع المعمورة لأداء فريضة الحج التي تشكل ركناً أساسيًا من بين أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله على كل مسلم مكلف ومقتدر، ولاشك أن دولتنا بكامل عدتها وعتادها وقياداتها ورجالها من مدنيين وعسكريين تتوحد جهودهم وكأنهم في غرفة عمليات واحدة مشتركة لتنظيم هذه الحشود المليونية التي تأتي من كل فج وصوب بثقافاتها ولغاتها وعاداتها وتقاليدها لتتوحد في المشاعر المقدسة تحت راية واحدة لا حزبية فيها ولا انتماءات إلا لله الواحد القهار.
ولاشك أن هذه الجهود الجبارة لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين في المشاعر المقدسة تحتاج لترجمة من نوع خاص ومتسارع ومتواصل عبر وسائل الإعلام المختلفة الورقية منها والإلكترونية وعبر الشاشات المحلية والعربية والدولية تحت إشراف مباشر من معالي وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي ومعاونيه، وهو حدث ليس ككل الأحداث التي تحشد لها الطاقات الإعلامية بصورة تؤكد قوة وخبرة البلدان التي تنظم هذه الأحداث العالمية لو ربطناها بمسمياتها مع فارق نوع الضيوف وجهود المضيّفين والبلدان المعنية بهذا من باب الاختيار كما هي أحداث كأس العالم رغم قلة أعداد الحشود وطريقة تعاطيهم مع الحدث التي لا تقارن بحشود الحجيج ومناسكهم وسلاسة وصولهم وتنقلاتهم وتأمين خدماتهم وهذا ما يقودنا لأن نجعل من هذا الحدث (الحج) ساحة للقراءة بجميع اللغات التي ترتبط بجميع البلدان التي وفد منها المسلمون حتى لو قل عدد الحجاج فإننا بحاجة لنشر هذه الجهود لنبرز للدول الشقيقة والصديقة، بأننا ننفرد بهذا التنظيم ونجيد التعامل معه بامتياز وهو يتكرر كل عام لأداء فريضة الحج وعلى مدار العام لأداء العمرة في مكة والزيارة في المدينة المنورة ولا اختيارات للمسلمين في هذا إلا هذا المكان والزمان الذي شرف الله به بلاد الحرمين الشريفين وشرف قادتها لخدمة ضيوف الرحمن بدون منّة بل وتسهيل سبل حجهم وتذليل العقبات التي تواجههم،
وبالتالي لابد من إيجاد أرضيات مهيأة ينطلق منها الإعلام ورجاله لنشر هذه الصور الرائعة من المشاعر المقدسة بما فيها مكة والمدينة المنورة، وأتذكر جيدا قبل أكثر من عقد عندما كنت ضمن بعثة إعلام الصحيفة التي كنت أعمل فيها لتغطية موسم الحج قرابة ثماني سنوات بأننا كنا نستضاف في مقرات الدفاع المدني ومن بعد كانت مؤسسات الطوافة الكبيرة تستضيف الصحف وتستقبل الإعلاميين وتقدم لهم كافة التسهيلات بالتنسيق مع الاتصالات والجهات ذات العلاقة، وكانت توفر لنا أحيانا حتى وسائل التنقل بين المشاعر وبين مقرات الوزارات وبعثات الحج لننقل ما نشاهد ونجري الحوارات واللقاءات لحظة بلحظة مع المسؤولين ومع رؤساء بعثات الحجاج من الخارج بالصورة والكلمة، وأتذكر حرصنا الشديد لنقل الصورة المشرفة دون تزييف للخدمات بوجه عام لهذه المناسبة بما يليق بمؤديها وجهاتهم الرسمية والأهلية الذي لا يقل عن حرص الإعلاميين اليوم كما هي صحيفة مكة الإلكترونية التي تتربع على قمة النقل المميز من المشاعر المقدسة دون أن تنسى واجبها تجاه الوطن كله، حيث تجمع بين الكلمة والصورة وبين المشاهدة الحية من موقع الحدث بالصوت والصورة المكتوبة والناطقة في ظل ثورة الاتصالات والتقنيات الحديثة وتطوراتها التي تفوق كل التصورات.
وزارة الإعلام مشكورة تستضيف (الإعلام الخارجي) وتسهّل مهامهم لنقل هذه الجهود للعالم ولكن في الوقت نفسه لابد أن نقدم لصحفنا وقنواتنا ورجال إعلامنا ما يعينهم على أداء رسالتهم الشاقة في أيام معدودات وزمن محدود يُعنى به الإعلام بكافة وسائله من أن يفي بكل ما تقدمه الدولة ومؤسساتها وقياداتها وهذا يستوجب إيجاد مقرات لوسائل إعلامنا المحلية، حيث كان في السابق تستضيفهم بعض مؤسسات الطوافة وتوفر الراحة للعاملين في مهنة المتاعب ولا نتركهم يهيمون بوجوههم بين المشاعر.
أعود وأكرر وأهمس في أذن الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارتي الإعلام والحج والعمرة والهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وذراعها شركة كدانة، بأن يوفروا لمواطنينا الإعلاميين ووسائل إعلامنا بجميع أنواعها مقرات بالتعاون مع الجهات الحكومية والأهلية وأن يكونوا في مقدمة من نحتفي بهم لأن الإعلام الصادق المدعم يشكل المرآة الحقيقية التي تعكس تحضرنا وجهودنا في المنشط والمكره في السلم والحرب وفي كل المناسبات لا يمكن أن يعرف عنا العالم إلا من خلال نوافذنا الإعلامية المتزنة الراجحة فلنعمل على تكريمهم قبل وأثناء وبعد كل حدث عالمي ولو بإيجاد مقرات ليقوموا بدورهم ضمن منظومة العمل البناء المخلص لهذه الحشود المليونية ولنتحسس احتياجاتهم وتسهيل مهماتهم، كما نحاسبهم لو أخطأوا على أخطائهم والله من وراء القصد.
** **
- عبدالله أحمد غريب