رجاء العتيبي
ثبت عند ميشيل فوكو في أبحاثه، مثل: تاريخ الجنون، الكلمات والأشياء، نظام الخطاب، أن التطور لا يأتي لأن العقل تقدم، وإنما لتغيير في وضعية الأشياء، وكلما تأخر تغيير الأوضاع، تأخر التطور، وهي نظرة ثاقبة وعميقة وتستحق التوقف عندها، هذه المقدمة السريعة، يمكن أن نطبقها على مهرجان أفلام السعودية، فمنذ أن بدأ المهرجان لأول مرة العام 2008م برعاية كريمة من وزير الثقافة والإعلام د.إياد مدني، بدأ واستمر على وتيرة واحدة.
نعم، في زمن الانطلاقة حصل تغيير في وضعية الأشياء فظهر المهرجان وكان حدثاً كبيراً له أهميته، الأوضاع التي تغيرت في حينه، وأطلقته، استمرت على ما هي عليه، طوال الدورات السابقة، فثبتت فيه الكلمات والأشياء والأوضاع ثباتاً ملحوظاً، ففي كل مرة يبدو كما هو، لهذا كان حرياً أن تتغير الأوضاع حتى يتجدد نشاطه، ويتقدم، وأهم تغيير للأوضاع في دورة المهرجان الثامنة التي انتهت قبل أسابيع، هو انتقال شؤونه إلى (جمعية السينمائيين السعوديين) وهو وضع طبيعي، ومناسب، ومتسق، لهذا جاءت هذه الدورة بطبيعة مختلفة، وربما الدورة القادمة أو في الدورات التالية لها سيكون التغيير أكثر وضوحاً، فالذي يديره الآن السينمائيون بشكل مباشر، وباعتبار ذلك وضعية جديدة، فإننا نتطلع بناء على نظريات فوكو التي تنسب التغيير إلى تغيير في وضعية الأشياء أن نشهد تغييرات في كل مناحي المهرجان. فالذي يديره الآن، جهة سينمائية متخصصة، تملك، بدعم من هيئة الأفلام، واستضافة من إثراء.
بالتأكيد نقول لجمعية الثقافة والفنون بالدمام، شكراً، وما قصرتوا، ولكنها الأيام تتغير، وتتغير معها الأشياء، فيحدث التجديد والتغيير. وتبرز معها أنظمة معرفية جديدة، تعيد تشكيل كل ما هو في محيطها.