نجلاء العتيبي
بدأ الحوار معها بالسلام.. فمرت الساعات دقائق.. فتاةٌ من بناتٍ وطنيٍ الطموحات واعدةً بمستقبلٍ يعانق عنان السماء.. فقد حولت الطريق بحديثها الشيق المبهر لحدائق وزهور غناءٍ.. هنيئا لنا بمثلها.. تدرس الإرشاد السياحي بشغف لتمتهنه بعد ذلك؛ بإذن الله.. تحكي تاريخ منطقتها بتسلسلٍ عجيبٍ؛ دقةً تفاصيل وغزارة معلوماتٍ متوارثةٍ عن الأب والجد، ممتدةً عبر الأجيال فخورةً بهوية وطنها العظيم؛ إنها العلاقة الوجودية العاطفية بين الإنسان ومكانه التي تجعله ملتصقا به غير قابلٍ للانفصال عنه، حتى لو ارتحل منه يظل تأثيره وتأثره به باقياً متصلاً فيه.
يعرف جيدًا تركيبة أرضه، خصائصها، ما تتميز به، الأحداث التي دارت على ترابه، صفات ساكنيه، القوافل التي سارت عليه، حدود حصونه وأسواره..
لذلك نجد ارتباطًا قويًا بين معرفة التاريخ ودراسته والإرشاد السياحي، وهو المكون المهم لنجاح هذه المهمة، والذي يساهم في تحقيق الأثر التاريخي وتوضيح مكانته وترسيخ أهميته بالطرق والوسائل والأساليب المتطورة التي تجذب السائح وتواكب تغيرات وتحديات العصر الحديث.
لم يكن الحديث مع الدرة أمل كحديثٍ عابري محطات الانتظار، لم يقتصر على الكلمات فحسب.
لقد نحتت في قلبي ذكرى جميلةً مثل مدينتها العريقة القديمة ذات النقوش العميقة والرموز المثيرة للعقل البشري على مر الأزمان.
إنه الانتماء والشعور بالفخر للمكان الذي نعرفه جيداً قبل معرفتنا بأنفسنا يجمع المحبين له.
«أسهم قطاع السياحة السعودي في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2 % سنة 2011(11) وتجاوزت نسبة توظيف السعوديين فيه 26 % من مجموع العاملين في القطاع السياحي، والذين يشغلون 670 ألف وظيفة مباشرة، كما أسهم هذا التوظيف بما نسبته 9.1 % من إجمالي القوى العاملة بالمملكة بالقطاع الخاص. ووفقاً لبيانات منظمة السياحة العالمية فإن حصة المملكة العربية السعودية من عدد الرحلات السياحية إلى منطقة الشرق الأوسط قد بلغت 32 %. كما كشف تقرير عرض في المنتدى الاقتصادي العالمي أن السعودية حصدت 76 مليار دولار من السياحة في سنة 2013، أنفق منها السياح الأجانب 48 ملياراً فيما أنفق السياح المحليون 28 ملياراً.
في سنة 2008 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة اعتبار مدائن صالح (الحجر) كموقع تراث عالمي، وبذلك أصبح أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي. في سنة 2010 أضيفت الدرعية إلى القائمة، وفي سنة 2014 أضيفت جدة التاريخية إلى نفس القائمة، كما تمت إضافة الفنون الصخرية في منطقة حائل سنة 2015 لتكون على قائمة التراث العالمي، وكذلك واحة الأحساء سنة 2018م. حصلت المملكة على تصنيف الوجهة السياحية الرابعة ضمن المؤشر العالمي للسياحة بالنسبة لدول منظمة التعاون الإسلامي لسنة 2014.
ضوء
ويشهد قطاع الآثار مرحلة مهمة من العمل والإنجاز في المحافظة على الإرث التاريخي للمملكة العربية السعودية، وحمايته، والتعريف به، وإخراجه من باطن الأرض؛ ليصبح واقعاً معاشاً، وقد حقق ذلك نتائج مهمة في ربط المواطنين، وخصوصاً أجيال الشباب، بتراث وتاريخ بلدهم وإرثه الحضاري الضارب في عمق التاريخ.