رمضان جريدي العنزي
المنافقون هم الذين يقلبون الحق باطلاً، والباطل حقًا، والأبيض أسود، والأسود أبيض، والقبيح جميلاً، والجميل قبيحًا، يشيعون في الناس الأكاذيب، ويروجون الإشاعات، ويلفقون الحكايا والقصص، ويرجفون عباد الله، يمدحون حسب المزاج والمصلحة، ويذمون إن لم يكن مزاجهم صافيًا وليس لهم مصلحة، يفعلون الأفاعيل في المكر والخديعة، ويحترفون التلون ولبس الأقنعة، ويمارسون الازدواجية البغيضة، لا يحبون الوضوح والصفاء والنقاء والفضاءات الرحبة، ويفضلون العيش في الدهاليز والغرف المظلمة، وإطلاق الأكاذيب، واختراع الوقائع، نفوسهم مجبولة على الشر، موازينهم باطلة، ومواقفهم متحركة، وليس عندهم صدق وأمانة وثبات، وبعيدون جدًا عن العدل والإنصاف، ما عندهم حكمة، ولا بعد نظر، ولا يصونون أنفسهم من الشوائب والأدران، لا يحفظون ألسنتهم، ويتورطون بأقوالهم، ثرثارون لا خير فيهم ولا منفعة، لاهثون وراء الكسب والتكسب، ولعابهم تسيل للمال، أناس بصفة شياطين، سعادين لكن من غير قرون ولا ذيول، لا يسعون إلى نفع عباد الله، ولا يعرفون فجوج البر والإحسان، ولا يبتغون لذلك سبيلاً، يتضايقون أن رأوا أحدًا مسرورًا سعيدًا، ويصيبهم القنوط من ذلك، يرمون حالهم بالمهالك، ويجنون على أنفسهم، ودائمًا ما يكسبون الخسارات الفادحة، والنتائج الفاشلة، مذمومون أينما وجدوا، وأينما حلوا وارتحلوا، ماء وجوههم قليل، ولا خير في نطقهم، ولا حياء عندهم، يغمضون عيونهم عن محاسن الناس، ويسترسلون في ذكر معايبهم، لا يتصفون بالحصافة، ولا عندهم محاسن ومناقب راقية، درجوا على الوضاعة والخساسة والدناءة، ما عندهم حسن تدبر، ولا حكمة ولا بعد نظر، يعملون بقوة في الإيذاء والإساءة، ما عندهم قيم أخلاقية، وسلوكهم معوج، وكلامهم ساقط، ويتلذذون بشراهة في الولوغ في أعراض الناس، أنهم يزعمون أنهم أهل التقوى والورع والتمسك بالمبادئ والقيم، في حين أن أعمالهم تكشف حقيقة أوضاعهم الدنيئة، وامتلاء صحائفهم السوداء بالمفاسد والعظام من الأمور، أنهم يكيدون للناس، ويمارسون معهم العداوة والبغضاء، يشقون قلوب الناس، ويملؤون أرواحهم بالتعاسة والأحزان، يجترحون الكذب، ويصرون على فعل القبيح، يأخذون ولا يعطون، ويتملصون من العهد والوعد، ينكرون الجميل، ويجحدون المعروف، لهم نزعة مقيتة في حب الاستحواذ، وعندهم أنانية كبرى، وحب الذات، وهذه هي المثلبة لا المنقبة، لقد باء المنافقون بالعار في الدنيا، وفي الآرة في الدرك الأسفل من النار، نسأل الله أن يرد نفاقهم في نحورهم، وأن يشغلهم في أنفسهم، وأن يقينا وإياكم شرورهم.