بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالعزيز التويجري أستاذ العقيدة بجامعة القصيم على الرسالة العظيمة للمنبر باعتباره شعيرة إسلامية، ومنقبة لمن وفقه الله للقيام بها، وهي محل عناية المسلمين فهم يقصدون الجوامع بكل صور الاستعداد غسلاً ومبادرة وتطيباً وسواكاً وإنصاتاً، كما أن الخطبة تتأكد أهميتها في ظل تنوع مزاحم من مصادر ووسائل المعلومة والمعرفة، وهو تحد للخطيب لإثبات متابعته لما يحتاجه الناس، وتقديم رأي ناضج وحكم شرعي وسطي لكل ما يهم المصلين في أمن وخوف وصحة واقتصاد. عبادات ومعاملات، وأخلاق وقيم.
وأوضح الدكتور صالح التويجري في حديثه لـ»الجزيرة» وهو فارس الميدان في الخطابة لسنوات طوال أن المنبر ميدان فسيح لتقسيمه بشكل صحيح فللمناسبات نصيب والطوارئ نصيب، وللتوافق مع مهام الجهات الأخرى نصيب، وحيث أن الحج على الأبواب وفيه مشاركات عبر عدد من القنوات فينبغي أن يكون للمنبر قدح معلى في توصيف دقيق لمناسك الحج وتنبيه لطيف لبعض التعليمات والأنظمة التي تصدرها الجهات ذات العلاقة، وبيان أخطاء متكررة حتى يجتنبها المسلم في حجه.
وقدم د. صالح التويجري بعض التوجيهات والتنبيهات للأئمة والخطباء ليتحدثوا فيها عن مناسك الحج وأحكامه ونظمه وتعليماته، وهو الواجب في العمر مرة لمن استطاع وأحكامه مفصلة في كتب أهل العلم ودروسهم، والحج رفقة وصحبة وخلطة ومشقة وتعاون وتعارف ومنافع وهنا يتأكد على الخطيب، ومشرفي الحملات تقديم ورقة عمل في فن التعامل مع الغرباء، والانصياع للأنظمة والتعاليم التي تعنى بها الأجهزة المساندة، كما أن في الحج مفاجآت ينبغي أن يضع الإنسان في باله أنه معرض لشيء من غير المألوف في نومه وأكله وتواصله؛ فعليه التوافق والتفاهم والتعاون مع الكل حتى نتجاوز الخلاف والعنت والمشقة، مشيراً إلى أن الفتوى في الحج شعيرة لها حظها من العناية والإفتاء والتوجيه والإرشاد من أعظم ما يحتاجه الحاج، وله أهله والمعنيون به وله أسلوبه وآدابه، مع مراعاة التيسير لابد أن يحمل الناس على الدليل ومن كان في مشقة فلن يعدم من الشريعة تيسير بعلم وليس تهاوناً بالشعائر فإن تعظيم شعائر الله وحرمات الله من أعظم مقاصد الحج، كما أن للغرباء عندنا محل العناية رفقاً وعدلاً ورحمة ونصحاً فلا ينبغي أن يستغلهم التاجر ولا أن يضايقهم العارف بطرقات البلد. هم ضيوف ولهم حقوق، والتيسير لهم قربة، والتعليم منقبة، والدعوة دين، وأنظمة المرور جزء من الراحة وسبب لأداء النسك على وجه مريح فكونوا عوناً لهم على عملهم، والصحة والنظافة قيم شرعية وحضارة ورقي فينبغي للإنسان أن يهتم بصحته وصحة غيره، ويلتزم التعليمات التي تصله من الجهات الرسمية، والنظافة في مسكنه وخيمته وسيارته وجسده عنوان الوعي ومحل تقدير كل إنسان.
وشدد الدكتور صالح التويجري المحافظة على النعم الكثيرة، ومنها الأمن فكل منكم مؤتمن على أمن الوطن وهذا البلد الأمين؛ فلا يجوز أن يحدث فيه حدثاً أو يؤى محدثاً أو تخترق خصوصيته التي خصه الله بها، ومن النعم الطعام والشراب فثم خدمات حكومية ومساهمات وطنية خيرية تقدم وجبات في مختلف الأوقات هي قربة لله ومرتفق ينفع الناس بالذات الغرباء فلا يجوز الإسراف والتبذير، أو أن تلقى في الطرقات أو القمائم ولا يستأثر بها المواطن عن الوافد ولا يؤذي القوي الضعيف عند المشاحة والتزاحم، وكذلك الماء نعمة عظيمة وبذله للمحتاج من أعظم القرب فاجتهدوا في حمايته من الفوضى والعبث، أو أن يتعرض للشمس فيمرض الأصحاء، والفتوى حق لأهل العلم ولا يصح التلاعب بها أو نقلها على غير وجهها أو التندر بأحكام الشريعة، أو تتبع الرخص لغير محتاج شرعاً.
ونبه الدكتور التويجري على مسألة مهمة وهي أن ضيوف الرحمن وفدوا من بلاد شتى وتعلموا على فقهاء ومدارس علمية في أحد المذاهب الأربعة المعتمدة عند كافة الأمة فلا ينبغي للعامي أن ينكر شيئاً بغير علم، لأن الخلاف بين المذاهب معتبر، ومن تفقه على مذهب وسعه ذلك، وهذا في غير المنكرات الظاهرة المعروفة، مشيراً إلى وقت الفراغ في الحج حيث الأصل أن وقت المسلم كله ثمين خاصة في أوقات المواسم ومنها الحج فينبغي للمسلم أن يستثمر كل لحظة في قربة قرآن أو حديث أو موعظة أو تعليم أو دعوة، أو أذكار مطلقة ومقيدة، وفي كل مسجد نشاط دعوي ينبغي أن لا يفوته المسلم، وفي كل حملة عالم، أو مفتٍ أو داعية وموجه يمكن أن يقدموا للحاج ما يفيده في أوقاته من غير إملال أو أذى، وربما يكون في الحملة شباب أو ظرفاء ولديهم رغبة في الطرائف أو المزاح فينبغي أن نجتهد في ملئ أوقاتهم بما يشغلهم عن الغفلة وتكون جلسات سمر فيها قصص تربوية مفيدة، وفيها أسئلة اجتماعية يحتاجونها في حاضرهم ومستقبلهم، وفيها حكم، وأمثال، وألغاز علمية تشعرهم بالأنس المفيد من غير تفريط، كما إن في كل حملة متخصصون أطباء في فنون الطب، مهندسون، طيارون، مهنيون، حرفيون، كتاب، مثقفون، طلاب علم وفتح المجال لإبراز الطاقات وتحفيزهم وتنوع المشاركات تحت إشراف مسؤول الحملة يعد إضافة ثرية تنطلق منها أفكار ومشاريع ومعارف.
وتناول في حديثه عن المرأة في الحج وهي ملئ السمع والبصر خدمة ورأفة ورحمة، وهنا يتأكد مراعاة أحوال النساء في اجتناب ما يضايق المرأة ويؤذيها في خصوصيتها فمن حقها أن تنفرد بمكان خاص ومركب، ودورات مياه، ومن حقها أن تقدم عند المشاحة، وقد رأينا ما يسرنا من مبادرات فيها جانب عظيم من هذه الأخلاق والقيم، وهي أيضاً مسؤولة عن نفسها في حجابها وعدم مزاحمة الرجال، أو رفع الصوت في غير حاجة، وكذلك الكبير، والمعاق، والطفل ضعفاء لهم الأولوية في المرافق كلها تدعمهم الشريعة وتوصي بهم الأنظمة وحال الناس شاهد حي في تقديم كل ممكن لهؤلاء، ولعل الخطيب ومتحدثي الإذاعات يشيرون في هذه الفترة قبل الحج إلى: الموضوعات المهمة
تزكية النفوس في هذه الأشهر الحرم وشهر ذي الحجة، وتذكير الناس بالاهتمام بالطاعات الواجبة قبل النوافل، وعدم تزهيد الناس في الحج أو إرهابهم من الأمراض والأوبئة، وتقديم دروس مستفادة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الحج وفي صفته، مع إعداد مطويات وكلمات فيها مختصرات، واحترام كل كتاب أو مطوية من الامتهان فهي تحمل مقدسات من نصوص شرعية تحترم من الابتذال.