من نعم الله على الهلاليين أنهم يحتارون في كل حقبة زمنية: أي المواسم أعظم للهلال؟ وأي الأجيال أفضل؟ وأي المدربين أمثل؟ وأي البطولات أجمل؟…والسؤال أي المواسم أعظم فهو موسم أعظم من بين مواسم عظيمة، وجيل أفضل من بين أجيال كريمة… وكذا الأمر في الباقي، فما تغيب شمس جيل إلا وتشرق أخرى، تضيء للجماهير كل دروبهم، وإن جاءت ظلمة لديهم ؛ فسرعان ما تتبدد مع فجر بطولات جديدة… كأن البطولات خلقت ليكون قرارها في خِزانة الهلال، يراها المشجع فيبتسم، ويقول هل من بطولة أخرى؟
في هذا الموسم تقلبت الأمور على الهلاليين، بين أفراح دام ظلها وأحزان لم يحرق لهيبها المشجعون، فجيل الهلال الحالي يستحق أن يكون هو الجيل التاريخي، الذي عبر الصحاري المقفرة حتى ظن المحبون أنهم غير ناجين، من الانكسارات التي لحقت بهم، وكأنها البارحة يوم غضب الناس منهم فما هانت عزائمهم، فما إن عبروا إلا وابتهجت لهم الدنيا كما ابتهجت لسابقيهم (وزيادة) …، بدأ الهلال هذا الموسم بأسوأ بداية مرت بتاريخه في بطولة الدوري؛ لأن اللاعبين قد انشغلوا فيما هو أعظم لديهم-أعني الآسيوية- فنالوا البطولة، وقطفوا ثمار تاريخها، وثبتوا أقدامهم على أرضها، وركزوا راياتهم على مستطيلها، وكتبت أياديهم أحسن كتابة في صفحاتها…، ولكن هذا السوء في الفريق في الدوري جاء معه القرار الأعظم لإدارة الهلال: وهو مجيء المدرب العظيم- إن لم يكن الأعظم-، وكذلك قصدت الإدارة إلى لاعبين أجانب ومحليين، فطاروا بالهلال فرحًا، وحققوا معه حلمًا…، فتبدل حال الهلال إلى حال أجمل، فمن بين الفرق هو الأفضل استحواذًا، والأكثر سيطرة، والأقوى تأثيرًا… شيئًا فشيئًا حتى صعد العظماء إلى التأهل الآسيوي، ثم وصلوا إلى كأس الملك وقد أرهقتهم المباريات فخسروا، وجاءت الليالي الكبرى من الليالي التي تجلى بها الهلال في سماء جدة، فلم يستكن إلى تلكم الجراحات، إنما ربطوا على أنفسهم حتى ظفروا بالثلاث نقاط، فتغيرت بوصلة الدوري ولم تعرف دربًا سوى درب الهلال، فجاءت البطولة على أثر أخواتها الماضيتين، فملك الهلال كأول فريق يحصل على لقب دوري نقطي ثلاث مرات متتالية، كتتالي الغيث، ولم ينل أحد شرفًا كهذا…فليس هذا جيلاً كالأجيال العظيمة الماضية، ولا هذا المدرب كسابقيه، ولكن لأنه الهلال فإنه موعود بمن هو أفضل منهم مستقبلاً-بمشيئة الله-.
فالموسم الذي يكون كذلك، واللاعبون الذين وصلوا إلى هذه المرحلة مع الفريق، والمدرب الذي تبدل الهلال معه إلى الأجمل، والبطولات التي حققها ونافس عليها يستحق أن يكون هذا الموسم هو الأعظم بتاريخ الهلال.
** **
- عبدالله البكر