بقلم - محمد الدويش:
* لا يمكن الحديث عن تاريخ الرياضة في المملكة وبدايات كرة القدم تحديدا دون ذكر اسم سمو الأمير عبدالله الفيصل «رائد الحركة الرياضية» والأستاذ عبدالرحمن بن سعيد «شيخ الرياضيين بالمنطقة الوسطى»- رحمهما الله-، وقد اكتسب أبو مساعد لقب شيخ الرياضيين لدوره الكبير في نشر اللعبة بالمنطقة وتأسيسه ورئاسته لناديين كبيرين يعتبران من أهم أركان الرياضة بالمملكة، إضافة إلى دعمه لعدد من الأندية في مختلف مناطق المملكة ماديا ومعنويا، والشخصية التي أنقذت أهلي جدة من الضياع عندما ترأسه لفترة عانى فيها النادي من الفراغ الإداري واستطاع أبو مساعد -بتوفيق من الله - ملء الفراغ وإعادة تنظيم النادي والحفاظ على نجومه.
* أبو مساعد لم يكن إنسانا عاشقا لكرة القدم فحسب، بل كان رياضيا يؤمن بالرياضة كميدان للتنافس الشريف وممارسة تعود بالنفع صحيا وذهنيا على ممارسها، وكان موظفا حكوميا بمنصب قيادي،وإنسانا مثقفا يدرك أهمية خدمة المجتمع من خلال هذا المجال الذي عشقه وفق منظار وطني بعيدا عن التعصب، لذلك لم يتردد في تشجيع تأسيس الأندية الرياضية ودعمها ماديا ومعنويا في مختلف مناطق المملكة بما فيها المنافسيون لناديه جغرافيا.
* ومن حسن حظ نادي الهلال أن يكون تأسيسه على يد هذه الشخصية التي جمعت صفات القيادة والثقافة والعشق والنظرة السامية للمنافسات الرياضية، فتأسس منذُ بداياته وفق نهج وثقافة تعمل لتطوير برامج ومناشط وفرق ناديها بعيدا عن البحث عن شماعات لتعليق الإخفاقات عليها، واحترام المنافسين، وعدم التدخل في شؤون الآخرين أو التقليل من إنجازاتهم أو التشكيك فيها أو الدخول في مشاكسات تنأى بالمنافسات عن هدفها النبيل والشريف، وقد سارت كافة الإدارات التي تعاقبت على هذا النادي على هذا النهج المثالي حتى أصبح ثقافة هلالية سائدة توارثتها الأجيال الزرقاء من رؤساء وأعضاء إدارة أو أعضاء شرف أو لاعبين أو جماهير، وكذلك الإعلام الذي يحسبه بعضهم على الهلال حتى أصبح نهج الهلال مثار الإعجاب ومضرب المثل لدى المحايدين، وقد ينال إعجاب وثناء بعض المنافسين في لحظات تجل تجُبرهم على قول الحقيقة نتيجة ردة فعل لخسارة فرقهم بطريقة لا تجدي معها كل التبريرات، لذلك لا غرابة في أن يستمر الهلال رقما ثابتا في البطولات على كافة الأصعدة وغيره متحركون، ولا غرابة أيضا أن ينافس الهلال نفسه محليا وقاريا في تحطيم أرقامه!.
* الهلال الذي تأسس على يد هذه الشخصية الفذة وبمفهومها للتنافس الشريف، تأسس وفق نظام مؤسساتي وإن كان متواضعا في بداياته، إلا أنه خط سياسة واضحة هدفها العمل على بناء فرق رياضية قوية تنافس على البطولات وتحققها وتحافظ عليها،لذلك ولد بطلا، حيث حقق أول بطولاته بعد عامين من تأسيسه عندما فاز ببطولة كأس الملك عام 1381هـ
وفي أول مشاركة لأندية الوسطى في المسابقة،ثم جمع في بطولتين كأس الملك وكأس ولي العهد عام 1384هـ،وإن ابتعد عقدا من الزمن عن تحقيق البطولات، إلا أنه عاد ليحقق بطولة أول دوري ممتاز الذي نظم عام 1396/1397هـ، ثم استمر في تحقيق الألقاب الكبرى محليا وخليجيا وعربيا وقاريا وتأهل لكأس العالم من الملعب ثلاث مرات شارك في اثنتين بعد تعذر إقامة الأولى لإفلاس الشركة الراعية!!. وحتى يومنا هذا حقق الزعيم 65 بطولة «رسمية» وهو رقم يعادل عمره المديد بإذن الله.
* الهلال النادي النموذجي منذ تأسيسه حتى اليوم لم يكن فريقا للعبة الواحدة،لأنه ببساطة تأسس على يد شخصية رياضية واعية ومثقفة تنظر للنادي كمؤسسة تربوية لتدريب وصقل المواهب وتنمية مهاراتهم دون إهمال الجانب الاجتماعي والثقافي، لذلك يسجل التاريخ للهلال بأنه النادي الذي لم تغب عنه شمس البطولات في مختلف المناشط والألعاب منذُ تأسيسه حتى اليوم، بل يكاد يكون صاحب سيطرة مطلقة على ألقاب عدد من الألعاب ومنافسا قويا على ألعاب ومناشط أخرى.
* عندما يتحدث المحايدون والمنصفون عن إدارات الهلال يتحدثون بإعجاب وتقدير عن الرؤساء الذين يتعاقبون على النادي وكيف يبني كل رئيس عمله على بناء سلفه لتعزيز وتطوير قوة الفريق ليأتي خلفه ويكمل المسيرة من أجل استمرار التفوق والحفاظ على الزعامة، فكل رئيس لا يقتصر عمله على فترته فقط، بل يعمل للحاضر والمستقبل، وكل إدارة ترحل تستمر داعمة للإدارة التي تعقبها، ويكتمل تميز العمل الإداري بتميز أعضاء الشرف ودورهم الإيجابي في دعم الإدارات الهلالية، وكثيرا ما ضُرب المثل بدورهم الإيجابي في تذليل العقبات وتعزيز عمل مجلس الإدارة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لكل الإدارات دون تمييز حبا في الكيان لا بحثا عن الأضواء.
* في كل ناد أسطورة واحدة يخلدها التاريخ الرياضي،لكن في الهلال أساطير من الرؤساء أو اللاعبين، فلكل رئيس منذ عهد مؤسسه الأستاذ عبد الرحمن بن سعيد -يرحمه الله - حتى اليوم بصمة من خلال تحقيق بطولة أو أكثر وعمل مميز، وفي الأندية الأخري يحقق الفريق بطولة فتنثر الألقاب على الرئيس من كل جانب، وفي الهلال يحقق الرئيس عددا من الألقاب كاملة الدسم ويبقى لقبه الأغلى والأثمن «رئيس نادي الهلال».
* أما الأساطير من اللاعبين ففي الهلال تحتار لدرجة تطالب بحجب لقب اسطورة عن لاعبي الهلال لتعاقب أجيال الذهب منذ ستة عقود كان خلالها الهلال الرافد الأساسي لمنتخبات المملكة المختلفة،وكان بنجومه الكبار الواجهة المضيئة للكرة السعودية على المستوى الأقليمي والقاري والعالمي.
من هؤلاء النجوم الكبار عبر الأجيال المختلفة على سبيل المثال لا الحصر سلطان مناحي ومبارك عبدالكريم ومحسن بخيت وبشير الغول والفودة وصالح النعيمة وفهودي وسلطان بن نصيب وسمير سلطان وأبناء الدعيع عبدالله ومحمد وسعد مبارك وخميس العويران ويوسف الثنيان وسامي الجابر ونواف التمياط والشلهوب وياسر القحطاني وصولا لجيل الذهب الحالي وفي مقدمتهم سلمان وسالم وياسر الشهراني والبريك والمعيوف وعبدالله عطيف والبليهي وسعود وناصر والحمدان وبقية زملائهم،ولا ننسى أسماء نجوم عالميين ومحترفين كبار مثلوا الفريق وساهموا في تميزه واستمرار انتصاراته وفي مقدمتهم كابتن منتخب البرازيل في عصره الذهبي ريفالينو ونجيب الإمام وطارق التايب وخريبي وليتانا ونيفيز ورادوي وكماتشو وتفاريس والظهير الكوري لي يونغ وأبناء جلدته المدافعان السابقان كواك والحالي جانغ هيون وقوميز وكارليو وماريجا وكويلار وميشايل. في الهلال تنافست أجيال الذهب في حصد البطولات والابتعاد بزعامة الهلال عن أقرب منافسيه.
* التميز الهلالي في المواسم الثلاثة الأخيرة والتفرد بالمنافسة على الألقاب لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله أولا ثم العمل الإداري المميز والممنهج بقيادة الرئيس الخبير فهد بن نافل الذي قدم نفسه كنموذج مثالي للقائد الإداري المحنك، قاد العمل الإداري بصورة نموذجية، عمل بصمت بعيدا عن الضجيج، منح الصلاحيات لمساعديه وترك لكل صاحب اختصاص ممارسة عمله بحرية، لم ينشغل بالآخرين ولا بمشاكساتهم خارج الملعب..يتدخل في الوقت المناسب ويتخذ القرار المناسب بعد دراسة وتأن،كما حدث في إقالة جارديم وإحضار دياز، وكذلك استقطاب سعود والمالكي وايجالو وميشايل، ولا ننسى القائمين على الفريق الكروي فهد المفرج وسعود كريري اللذين عملا وتركا الحديث للنتائج رغم ما تعرضا له من نقد قاس قد يكون من هلاليين مجتهدين أومن مندسين يبحثون عن هز الثقة في الهلاليين ولكن النية السليمة والعمل المنظم والإخلاص النابع من ضمير نزيه وعشق الكيان أثمرت إنجازات وبطولات ثمينة وصريحة.
الهلال كيان رياضي له مكانته على المستوى القاري فهو نادي القرن في القارة وصاحب ثمانية ألقاب «منها أربعة ألقاب للأبطال « يغرد بها بعيدا عن منافسيه!. الهلال منبع النجوم ومصدر السعادة والفرح لمحبيه في كل مكان.
* الهلال في نظر مؤسسه ليس مجرد فريق لكرة القدم بل مؤسسة تربوية تعليمية ويكفي أنه في آخر مجلس ادارة ترأسه اختار جميع أعضاء مجلس الإدارة من الأكاديميين حملة الدكتوراه حتى وصفت بإدارة الأكاديميين.
* الهلال صاحب الشعبية الأكبر حسب استفتاءات الشركات المتخصصة والمعلنين وحجم الاستثمار الهلالي الذي يفوق استثمار منافسيه جماهيريا مجتمعين يؤكد ذلك!.
* في الهلال أعضاء شرف داعمين ماديا ومعنويا ويبقى الأمير الوليد بن طلال الداعم الأكبر الذي لم يتوقف دعمه عن عشقه الهلال حتى يومنا هذا، ولم يكتف سموه بالدعم المادي بل قدم للنادي رئيسا شابا مثاليا يملك القيادة والخبرة الإدارية والطموح استطاع أن يقود الهلال لتحقيق الكثير من الإنجازات الكبرى أبرزها بطولة كأس ملك و3 ألقاب دوري وبطولة سوبر ولقبين آسيويين ومشاركتين عالميتين.
* التهنئة لكل هلالي بالإنجاز الاستثنائي هذا الموسم بتحقيق الآسيوية والسوبر ووصافة كأس الملك والتأهل لنهائيات آسيا والختام بالفوز بلقب أقوى وأطول مسابقة والأكثر إثارة بطولة دوري الأمير محمد بن سلمان.