إبراهيم بن سعد الماجد

المحطة الثالثة والأخيرة في جولة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - الجمهورية التركية، هذه الزيارة التي لها أهميتها البالغة على كافة المستويات، والتي جاءت بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة، وما صحبها من تصريحات تؤكد على أهمية بناء الثقة بين الجانبين فيما يخدم المصالح المشتركة.

المملكة وتركيا قطبان مهمان في استقرار المنطقة، سواء في محاربة الإرهاب والجماعات التكفيرية الدموية التي للبلدين جهود مشهودة ومقدرة، حيث حققا نجاحات كبيرة في كبح تلك الجماعات وتجفيف منابع الإرهاب، كما يشارك البلدان في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، كما أن تركيا عضو في التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، الذي أعلنت المملكة عن تشكيله في ديسمبر 2015، ويضم 41 دولة.

وتتسم العلاقات الأخوية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية بالتطور والنمو في جميع المجالات؛ نظراً للمكانة التي يتمتع بها البلدان الشقيقان على كافة الأصعدة.

وترتبط المملكة والجمهورية التركية بعلاقات تاريخية وثيقة، ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى العام 1929، وذلك إثر توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين في العام السابق له، وقد توطدت العلاقات الثنائية عبر الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، وكانت أولاها زيارة الملك فيصل -الأمير حينذاك- تركيا في العام 1932 في طريق عودته من رحلة أوروبية، وزيارته الثانية لها بعد أن أصبح ملكاً في العام 1966.

وشهدت العلاقات بين البلدين منذ نشأتها في عام 1929م، تطوراً ونمواً ومزيداً من التعاون والتفاهم المشترك حول الموضوعات التي تهمُ مصالح البلدين والأمة الإسلامية، وخلال عامي 2015 و2016، شهدت العلاقات بين المملكة وتركيا حراكاً وتطوراً ملحوظاً حيث عُقدت خمس قمم سعودية تركية جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مع الرئيس أردوغان.

وتُوجت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرسمية إلى تركيا في إبريل 2016، ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالإعلان عن إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي بهدف تعزيز التعاون المشترك في المجالات السياسية والدبلوماسية، والاقتصاد والتجارة، والبنوك والمال، والملاحة البحرية، والصناعة، والطاقة، والزراعة، والثقافة، والتربية، والتكنولوجيا، والمجالات العسكرية والصناعات العسكرية والأمن، والإعلام، وقد عقد المجلس اجتماعه الأول في فبراير 2017 في أنقرة.

وخلال هذه الزيارة منح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسام (الجمهورية) لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهو أعلى وسام في تركيا يمنح لقادة ورؤساء الدول، كما عقد الزعيمان جلسة مباحثات رسمية؛ شدَّدَ خلالها خادم الحرمين الشريفين على ثقته أن المباحثات ستفضي إلى نتائج مثمرة ترسخ علاقات البلدين الإستراتيجية؛ مما يفتح آفاقاً واسعة لتعزيز الروابط السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والعسكرية، والأمنية؛ بما يعود بالنفع عليهما، فيما أشار خلالها فخامة الرئيس التركي إلى أهمية استمرار اللقاءات بين مسؤولي البلدين في مختلف المجالات؛ السياسية، والتجارية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية، والاجتماعية، لما فيه تحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين.

ومن الجانب الآخر، قام فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا في 28 إبريل 2022م، بزيارة للمملكة العربية السعودية؛ تلبيةً لدعوةٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله - حيث استقبله الملك المفدى - حفظه الله -في قصر السلام بجدة.

كما اجتمع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات السعودية التركية، وفرص تطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

عن الزيارة قال سمو ولي العهد (تهدف الزيارة لتركيا إلى تحقيق مصالح البلدين وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة)

الاستقبال الكبير الذي حظي به ولي العهد من قبل الرئيس التركي وكذلك التوديع يؤكد على أن التفاهمات بين الدولتين الشقيقتين وصل إلى مرحلة الرضا عن مستقبل مشرق، وتعاون مثمر بإذن الله.