رمضان جريدي العنزي
علينا أن نحذر الفتن ونتقيها أياً كانت أنواعها وأشكالها وألوانها وأحجامها، فإن في اتقائها ودرئها حبورا وهناء وسعادة وسلاما وأمانا واطمئنانا، إن الفتنة فعلها مخيف، وشرها طاغ، وريحها حارقة، وهي تحرق الأخضر واليابس، وتهدم وتفسد وتقضي على كل شيء حي ونابض، وتجر على الناس وابلا من العذاب، وإن أهم ما نتقي به فتنة الشيلات العنصرية البغيضة، هي القضاء التام عليها، ووأدها ودفنها في المجاهيل البعيدة، كونها خناجر مسمومة في خواصر المجتمع، ودعوة للجاهلية الأولى، وتفريقاً بن الناس، وجعلهم دراجات ومراتب، عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن السعيد لمن جنب الفتن)، وهناك مثل كوبي يقول: ( البعض يحمل في رأسه مخاً ولكن عقله يجري خلفه)، إن هذا المثل ينطبق تماماً على بعض مؤلفي الشيلات ومؤديها والقائمين على إنتاجها وموزعيها والباثين لها، الذين لا هم ولا غاية لهم سوى المادة والربح والتكسب، على حساب الوطنية واللحمة الاجتماعية، وإن كانت شيلاتهم مجرد فوضى كلمات، وقصور معنى، ولغة عنصرية هابطة، تعمق الانقسام، وتزيد من التوتر والقلق، ولا تجلب للمتلقي غير الفوضى الفكرية والعقلية، علينا أن لا نقف حيارى ومتفرجين ونعطي هذه الشيلات حجماً أصغر من خطرها الداهم، بل علينا كمجتمع مدني حضاري أن نسارع إلى بذل كل جهد ممكن لقطع الطريق على دعاة العنصرية والفتنة الوخيمة والمحرضين على الفزعة والأخذ بالثأر وتكبير الذات والنحن والقبيلة والمنطقة من فئات قاصرة في الفهم والعلم والواقع والحال، علينا أن نتحمل جميعاً مسؤوليتنا التامة ليرتفع صوت العقل والحكمة، وأن نقف حاجزاً منيعاً بوجه راسمي الفتنة ومثيري القلق وواضعي الفخ وفق شيلات بائسة رثة لا تمت للواقع الحديث بصلة، ولا تجلب للوطن والأمة التقدم والازدهار، كون معظم الشيلات مجرد خزي وجهل وتلاعب بالمشاعر، وسماعها مقزز ومنفر، وبها صخب كثيف، وهي مستنقع للفتنة، وصادحها بها، ومخربه للنسيج الاجتماعي، إنها تحفل بالعجائب، وتصدح بالغرائب، وجلها مبنية على أوهام بائدة، وتهميش للعقل والفهم والإدراك، إنها مجرد تحديات وعنتريات وبطولات زائفة ما أنزل الله بها من سلطان، شيلات مغموسة بالهوى والعصبيات والحزازيات وإحياء السيئ من الأفعال والأعمال، فيها غلو ومكابرة وكلمات ممجوجة، إنها لا تعطي امتيازات، وليس لها تفرد، ولا تدعو إلى شحذ الهمم نحو التقدم نحو الأفل والأرقى والأجمل، بقدر ما تدعو وتنادي إلى الرجوع إلى متاهات الماضي وظلامه وسبخه ووحله وطينه، إنني أدعو وغيري من أصحاب العقل والحكمة والبصيرة إلى الوقوف الشجاع أمام هذه الشيلات الزاحفة نحونا بقوة الريح العاتية، ولنعي تماماً كونها خنجراً ساماً، وسيفاً نصله بارد وفعله موت، علينا أن ندمر هذه الشيلات ونهلكها قبل أن تدمرنا وتهلكنا.