رمضان جريدي العنزي
أنا أحب الأرض الخضراء المكتسية بالعشب والزهر، وأرتاح للجبال الشاهقة المزدانة بالشجر المتشابك بعضه مع البعض، يخضر القلب لذلك وتستكين الروح، معطراً أصبح بذلك وبي زهو، أعشق خفيف الغيوم، والهواء العليل، وصوت العصافير، وأناشيد المسرة، يكبر في الفرح، وتتماهى عندي السعادة، سيما إذا ما رأيت الغدير، والزهرة اليانعة تتفتح مع هبة الريح، والهواء النظيف يسكن قاع القلب وعمق الرئتين، للأرض الخضراء والسهوب الممتدة في البعد حالة مغايرة، ومعان محسوسة، سيما حينما تسكب الغيمة ماءها في وقت الظهيرة، صوت المطر، وعبق الغيوم، والتراب حينما يغسله الأديم، والعصفورة النائمة في عشها البديع، يصبح كل شيء عندي قصيدة تمتد إلى أبعد المدى، مثل ضفيرة مخضبة، ولحن مساء، هي السعادة في الأرض الخضراء لا تباع ولا تشترى، سيما إذا عانقنا هبوب الشمال، أفتح فيه نوافذ قلبي، ليصبح حقل قمح أو فراشة، أهوى فيه مطارحة الحلم، والبوح الأنيق، والسنبلات الخضر يطارحن روحي، بالبراءة العصفور فيه حين يحط وحين يطير، ويا رائحة الطين الندي، ترتقي عيناي فيه، والقلب فيه يبتهج، يا للحالة البهية حينما يهب الهواء العليل، ما يصيبني أبداً ضجر، ولا يحل في عيني التعب، أمشي على طريق الغيم، وأدور مع المطر، وأرقى الجبال الخضر، وسرب السنونو في حنايا الأرض، وفوق الأفق، والحمام يهدل في الصباح الشاعري، والعصافير تخفق حول بنفسجة الظهيرة، أمشي أبحث عن الندى، أحمل صبحي الغافي، وأذهب في سديم الحلم، أركض طويلاً في تفاصيل الطبيعة، أوقد الجمر، لأشحذ الدفء، وأفرح لماء الغدير، ثم أغدو بفرح نحو الفجوج الرائعة، أظفر تاجاً من الورد المنوع، أتهجأ الماء، وأسند ظهري نحو التأمل، والمواويل تنساب لأذني من حناجر الرعاة، وحتى الطيور الحنونة لي تغني، ما أعتل وقتي مطلقاً، كأنني أعيش كرنفال الفرح، أترك ورائي التعب، وأتحلل من الصخب، وأمضي أضيء روحي بالفرح، في السفح، أو في أعالي الجبل، وأرهف سمعي للحن الطيور، أنشغل بالهناء، وبالجو البديع، مزدانة هي الأرض في عرسها الطبيعي، وكلما اندلعت في عيوني الرياحين، واحتشد في عروقي السرور، يممت وجهي نحو الفضاء البعيد، لأبحث عن غيمة جديدة، وحدائق ورد، ونسمة جديدة، تستحم روحي بالألحان الجميلة، والشموس الأليفة، ويزدهر جبيني بالعنفوان، كأنني زنبقة رائعة، أعتلي صهوة الوجد والحلم المستباح، وأزرع في عيوني خيوط المطر، وحقل النجوم وراء الصاح، وأرفض غموض الحياة، وأفرح مع (الهجيني) العتيق، وأستريح تحت ظل الشجر، وعندي حرير الكلام، سيما إذا رفرف اليمام فوق أعالي الهضاب، مثل البروق لي قلب يئن، مسكون بسفر المرائي، وأبصر ما وراء الضباب، أمشي على حد السعادة، لا ألوي على أحد، وأبتهج بالحياة النقية، كأن الطبيعة الخلابة تقول الذي لا أقول، ووردها الملون، يشعل الدم في خلايا الجسد، جميل بهي، مثل لوحة فاتنة، أفكر كل خمس دقائق، ثم أهجس بالقصيد، وأطير عالياً مثل نسر يطل على ما وراء القمم، وعندي حنين غريب، سيما إذا جاء الضباب، يلملمني من القواقع كالمحار، ويشعل روحي كالنيازك، ويحولني في دقيقة كعاشق ينام في مخمل الطقوس، طوبى للطبيعة، طوبى لضوء القمر فوق العشب في ليلة صافية، طوبى للعشب حين هطول المطر، طوبى لصوت الماء من أعالي الجبل، طوبى لمزمار الرعاة، وثغاء الشياه في المراعي الفسيحة، وطوبى أكبر لجمال الحياة.