مشعل بن علي العبسي
بتحية الإسلام أنهى جولته «المجدولة سلفاً», وأبهر العالم مرة أخرى بحنكته وبكاريزما عالية في فرض الوجود وتثبيت القدم, تلوح في الأفق علامات بأن «الشرق الأوسط في طريقها لتصبح أوروبا الجديدة» فهناك ثورة في الصناعات وتدفق للنفط وإنتاج للسلاح وتطور عمراني مستدام ونهضة علمية وعملية معاصرة وولادة قطب اقتصادي وسياسي مؤثر في الصعيد الإقليمي والدولي.
زيارة التأكيد:
جمهورية مصر العربية الشريك العربي الأصيل في جميع قضايا دول المنطقة عموماً ودول الخليج خصوصاً, والداعم اللوجستي لأمن المنطقة، وتأكيداً على أنها الجناح الآخر للأمة وعمقها الاستراتيجي والسياسي والدبلوماسي, وما استقبال فخامة الرئيس السيسي وكسر بروتوكول الاستقبال وقربه من سلم الطائرة بطريقة تدل على أن القادم هو راعٍ للدار وأهلاً للبيت وليس ضيفًا عابرًا.
تأكيد الدعم عبر اتفاق الجانبان على تعزيز الشراكة الاقتصادية استثماريًا وتجاريًا بين البلدين وتوقيعهما 14 اتفاقية بقيمة 7.7 مليار دولار, لتستمر مسيرة الدعم والتثبيت وإيصال الرسائل السياسية والدبلوماسية عبر الدعم الاقتصادي والذي دائمًا ما يدندن على وتره المتربصون والأعداء والحاقدين على «أم الدنيا», فها هو الدعم «أد الدنيا».
زيارة التثبيت:
استقبال أخوي خارج نطاق البروتوكول الملكي المعمول به في المملكة الأردنية الهاشمية من قبل الملك عبدالله بن الحسين الثاني برفقة نجله «ولي العهد»، تلك المملكة الهاشمية التي تعمل بوفاء وصدق من أجل الثبات على قيمها وعاداتها وتقاليدها وعروبتها, الزيارة التي اختصرت في عدة محاور, وأهمها:
- التأكيد على أهمية دور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية على القدس.
- دعم الأردن في وجه التمدد الإيراني خصوصاً من سوريا.
- لا تطبيع مع إسرائيل إلا بالموافقة على مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله.
- دعم اقتصادي مطلق.
ولا مُستغرب إن ذكرنا بأن دولة المعزي هي الدولة العربية الوحيدة التي وفت بالتزاماتها تجاه الأردن الشقيق وذلك بعد توقيع اتفاقية التضامن العربي، وبادل الملك عبدالله بن الحسين الثاني هذا الوفاء بقلادة الحب والوفاء «قلادة الحسين بن علي» وهي من أرفع الأوسمة الأردنية التي تمنح للملوك والأمراء ورؤساء الدول وتقدم لمن يقوم بخدمات جليلة من رؤساء الحكومات، وليتقبلها بانحناء مستقيم تدل على ثقته بنفسه وتكريمًا لذاته.
واختصرها العاهل الأردني بتغريدة قال بها «سنظل في الأردن المعين والجار الأمين لجميع الأشقاء العرب لما فيه خير بلادنا وشعوبنا».
زيارة التجديد:
هناك بروتوكول معمول به منذ 1910م في عهد أتاتورك ويسمى «مرحبا عسكر» لتحية الجنود العسكر التركي باللغة التركية، وأصبحت عُرف يطبقها القادة خلال المراسم الرسمية للاستقبال، ولكن تحية الإسلام وباللغة العربية الفصيحة أسمى وأبقى فـ»السلام عليكم» زيارة لها من المعاني الشيء الكثير، ومن القصص ما يستطيع الكاتب كتابة الكتب والمؤلفات عنها، ولكن نحن هنا بصدد القراءة التحليلية لحجم الضيف الذي نزل أهلاً وسهلاً واستقبله الرئيس الطيب رجب أردوغان «عند» سلم الطائرة، وودعه «على» سلم الطائرة، مع العلم بأنه لا يوجد رئيس دولة أوصله الرئيس التركي وودعه بهذه الطريقة، باستثناء هذا الضيف الكبير فضلاً على أنه ولي عهد وليس ملكا!
عرفنا عن الإرث التركي بأنه نادر وربما مستحيل أن يُبجل ويذكر الثقافة والإرث الغربي والدخيل عليه، ولكن بمعزوفة وأغنية «فوق فوق» وبحضور الضيوف من الجانبين وعلى رأسهم القائدان، كان هذا تجديداً للروابط الصديقة ولإذابة الجليد ولبدء مرحلة جديدة من العلاقة التي من شأنها أن تكون قوة إقليمية، وخاصة بعد البيان الصادر من الطرفين والذي قررا فيه «تعميق التشاور والتعاون في القضايا الإقليمية من أجل تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة»، ومن قراءة ما بين السطور نجد هنا بأنه لا مجال لتعارض المصالح إقليمياً، وأيضاً الحال الاقتصادي التركي قبل الزيارة شيء وبعد الزيارة سيكون شيء آخر والجميع سيعرف ما هي قيمة هذه الزيارة ومعنى الانتعاش الاقتصادي الذي سيغير الكثير من الحال لدى أنقرة وخاصة بعد دعوة الجانب التركي للصناديق الاستثمارية للاستثمار في الشركات التركية الناشئة، وهذا من شأنه ان ينقل البلدين لمرحلة تعاون جديدة وحدود لا يمكن تجاوزها مستقبلاً.
تساؤل:
ماذا لو تلك الطائرة الثمينة حطت رحالها في عواصم عربية أخرى؟
صنعاء، بيروت، دمشق، والكثير من العواصم التي تحتاج لمثل هذا القائد الشهم الذي يحط رحاله وتكون حال العاصمة قبله شيء، ومن بعد زيارته شيء آخر من بعد فضل الله وتمكينه!
نقطة:
نحن في هذا المقال المتواضع لم نذكر اسم تلك القامة حفظها الله وسلمها وحرسها بعينه التي لا تنام، ولا تلك الدولة التي خيرها يصل غرب العالم قبل شرقه، ولكن لك أخي القارئ بتفسير لماذا العقل والمنطق للجاهل والعالم يتجه مباشرة الى (المملكة العربية السعودية) حين يقرأ كل تلك الأمور.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا..