فضل بن سعد البوعينين
زيارات ناجحة قام بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمصر، الأردن، وتركيا، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين، أعاد فيها ترتيب ملفات سياسية، وأمنية، وتعزيز شراكات اقتصادية، ومعالجة قضايا عالقة تعامل معها سموه بحنكة، وحكمة ودبلوماسية.
جولة مهمة، في وقت يشهد فيه العالم، والمنطقة تحديات كبرى، سياسية، أمنية، واقتصادية، ويتطلب جهوداً مكثفة لتحقيق العمل المشترك والتكامل الأمثل بين دول المنطقة في جميع المجالات. الأكيد أن مواجهة التحديات تحتاج إلى قيادة متمكِّنة قادرة على التنسيق الأمثل، ورص الصفوف، وتجاوز عقبات الماضي ومعالجتها, وفتح مسارات جديدة تعززها الثقة المتبادلة، والرؤية المستقبلية المحققة لأمن واستقرار وتنمية المنطقة، وهذا ما يقوم به سمو ولي العهد بكل ثقة وكفاءة، لمصلحة جميع دول المنطقة بما فيها المملكة. فلا أمن ولا استقرار ولا تنمية يمكن أن تتحقق ما لم تنخرط دول المنطقة فيها، ما يستوجب تحقيق أعلى معدلات التنسيق والتكامل والشراكات المحققة للأهداف الإستراتيجية.
وما يعزز أهمية الجولة أيضاً، أنها تسبق زيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة للمملكة، للالتقاء بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، وحضور قمة خليجية، وهي زيارة تؤكد على أهمية المملكة ودورها المحوري في المنطقة، وقدرتها على مواجهة التحديات ومعالجتها بحكمة وحنكة، والتنسيق الأمثل بين دول المنطقة، وعقد القمم الرئاسية، وقيادة المشروعات الكبرى فيها.
لم تكن جولة سمو ولي العهد جولة بروتوكولية، بقدر ما كانت جولة إستراتيجية تهدف إلى رسم مستقبل المنطقة، بما تضمنته من ملفات مهمة تسهم في ترتيب المنطقة وتعزز قدراتها السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية، وتكشف في الوقت عينه عن المخاطر المحدقة بالمنطقة، ومسؤولية دولها في مواجهتها مجتمعة وبما يضمن درء المخاطر وتحقيق الأهداف التنموية في آن.
شهدت الجولة إبرام عقود ومذكرات تفاهم، في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، والتنموية والتجارية وإنشاء مشروعات مشتركة ضخمة، ما يؤكد أهمية الملف الاقتصادي في توجيه العلاقات وتقويتها على أسس من المصالح المشتركة، غير أنه من المهم الإشارة إلى الملفات السياسية والأمنية والتفاهمات العميقة التي تم الاتفاق عليها، وهي قاعدة رئيسة في تحقيق أمن واستقرار المنطقة، وبالتالي تنميتها، فلا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية بمعزل عن الأمن الذي يشكل التحدي الأكبر أمام دول المنطقة، وأحسب أن هناك قناعة بأهمية هذا الجانب، والعمل على تعزيزه بشكل جماعي يضمن مواجهة المخاطر المحدقة بالمنطقة.
أختم بالتأكيد على أن المؤشرات الأولى لنجاح الجولة ظهرت في مراسم الاستقبال الرسمية التي أقيمت لسمو ولي العهد في الدول الثلاث، وتخطي البروتوكولات المعتادة، لأهمية الضيف ومكانته، وأهمية دوره المأمول في تنسيق المواقف، وتوحيد الكلمة ومعالجة التحديات ورسم رؤية تنموية شاملة للمنطقة، وأكدتها، كذلك، مراسم التوديع الرسمية الاستثنائية، والبيانات المشتركة وتصريحات الزعماء الإيجابية حول زيارة سموه. نجاح سنرى انعكاسه مستقبلاً، بإذن الله، على أمن واستقرار المنطقة وتنميتها، وإعادة توجيه العلاقات المشتركة لما يحقق مصلحتها ومصالح الشعوب.