أ.د.عثمان بن صالح العامر
ليس جديدًا الحديث عن ثنائية (التعليم ما فوق الثانوي) و(سوق العمل)، ولا يخفى على القارئ الكريم تجاذب هذه الثنائية مركز التأثير، فمن قائل إن القيادة للجامعات، وسوق العمل لا يعدو أن يكون عاملاً تابعاً للمجتمع الأكاديمي، وهناك من ذهب إلى العكس من ذلك فسوق العمل هو الأساس وعلى ضوء متطلباته تكون التخصصات التي تدرس داخل أروقة الجامعات، وفريق ثالث يرى الاستقلالية التامة لكل منهما على الآخر؛ فالمجتمع الأكاديمي يمارس (التعليم لذات التعليم) دون الاكتراث لاحتياجات السوق، إذ ليس من مهامه ومسؤولياته تخريج طلابه وطالباته حسب المواصفات التي يريدها السوق الذي هو في نظر هذا الفريق بيئة متغيِّرة وخاضعة لظروف ومعطيات عدة عالمية ومحلية لا تخفى، وهذا يعني أنه غير قابل للضبط والقياس العلمي، مما يجعل الجامعات عاجزة عن رسم إستراتيجياتها التدريسية والبحثية طويلة المدى ومتوسطته على أساس تلبية احتياجات السوق المتحرك والمتغيِر. أياً كان.. فأنا هنا لست معنياً بالسبر لهذه الاتجاهات، وترجيح رأي على آخر، ولكنني سقت ما ورد أعلاه لأبين وجهات النظر المتضاربة حيال العلاقة التجاذبية بين هذين الطرفين الرئيسيين في معادلة البطالة والعمل في سوقنا السعودي، ولأسجل لجامعة حائل ممثلةً بسعادة رئيسها ومجلسها الموقر القدرة على الجمع بين كل هذه الاتجاهات والتوفيق بين متطلبات سوق العمل الحالي ونظرية (العلم لذات العلم)، ففي الوقت الذي أبقت الجامعة على كثير من التخصصات التي قد لا يحتاجها سوق العمل في الوقت الحالي وقلَّلت أعداد القبول فيها، أعلن رئيسها سعادة الأستاذ الدكتور راشد بن مسلط الشريف عشية حفل التخرّج هذا العام عن افتتاح سبعة تخصصات علمية جديدة تتوافق ومتطلبات سوق العمل وتتناغم مع معطيات رؤية المملكة 2030 ألا وهي (الذكاء الاصطناعي، أمن المعلومات، علم البينات، هندسة شبكات وأنظمة الاتصالات، التسويق، نظم المعلومات الجغرافية)، مع أن بعض هذه التخصصات حديث عالمياً وكان لا يدرس إلا في مرحلة الماجستير، ومن قبل كانت (هندسة الطاقة المتجددة) وهذا يفتح آفاقاً جديدة أمام طلابنا وطالباتنا في جامعتنا التي تحرص على مواكبة متطلبات سوق العمل في الوقت الذي تؤكد فيه حرصها على ضمان تحقيق التوافق بين الرغبات الشخصية لدى شريحة من الطلاب لطلب (العلم لذات العلم) وإن كانت هذه الشريحة قليلة العدد إن لم تكن نادرة الوجود في هذا الوقت بالذت، ولأننا هذه الأيام في فترة التخصيص لمن اجتاز السنة التحضيرية فإنني أهيب بأبنائنا وبناتنا الالتحاق بهذه التخصصات النوعية المتميزة للضمان الوظيفي -بإذن الله- مع وجوب الاطلاع على مضامين ومتطلبات كل تخصص والتعرّف عليه من خلال ما هو مكتوب من قبل أهل الاختصاص واستشارة (أهل الذكر) أصحاب هذا الفن من العلوم، ثم الاستخارة، وبعدها العزم والتوكل، كما أنني كنت أتطلع أن يكون ثامن هذه التخصصات الجديدة (القانون) ولكن .... وفَّق الله الجميع، وإلى لقاء، والسلام.