د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي
الحراك الإيجابي في المحيط الإقليمي والدولي من أجل مصلحة المنطقة وأمنها واستقرارها يشكل جزءاً أصيلاً من الثوابت السياسية لدى المملكة العربية السعودية، وضمن هذه التوليفة جاءت جولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، التي شملت كلاً من مصر والأردن وتركيا، وهي جولة هدفت إلى تمتين وتوثيق علاقات المملكة مع الدول الثلاث وتعميقها من خلال تطوير سبل ووسائل التعاون والشراكة والارتقاء بمستواها إلى القدر الذي يلبي الطموحات ويحقق المزيد من المصالح المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ويعزز تأمين مستقبلها الاقتصادي.
وحملت الجولة الميمونة لسمو ولي العهد أهمية كبيرة ودلالات عميقة من حيث توقيتها وأهدافها وعوامل نجاحها، ففي جمهورية مصر أكدت الزيارة على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين وعززت ذلك من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي ينعكس أثرها على مصلحة اقتصاد ومواطني البلدين وعلى المنطقة ككل بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي، ثم بحثت مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم.كما تم الإعلان عن عزم المملكة العربية السعودية قيادة استثمارات في مصر قيمتها 30 مليار دولار، فضلاً عن الاتفاقيات المشتركة في مختلف القطاعات.
وفي الأردن توجت زيارة سموه الكريم بنتائج إيجابية على مستوى دعم العلاقات الثنائية في العديد من المجالات، وتطوير سبل التعاون المشترك، كما تطلع الجانبان إلى المزيد من التعاون في مجال الأمن الغذائي والصحة والتعليم والثقافة والسياحة وغيرها، بالإضافة إلى بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية وكذلك تناولت الزيارة الشأن العراقي واللبناني واليمني والسوري مؤكدة على أهمية الحفاظ على استقرار وسيادة تلك الدول، كما تم بحث ضرورة التعاون من أجل دعم الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة والعمل على تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة النووية في هذا الجانب.
وفي تركيا التي اختتمت بها جولة سمو ولي العهد أثمرت الزيارة تعزيز علاقات البلدين في كافة المجالات بما فيها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، حيث أكد الجانبان على ضرورة تعزيز الشراكات الاستثمارية في القطاعات الحديثة، بالإضافة إلى تناول ملفات تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتأتي أهمية هذه الجولة المباركة أيضاً لكونها بحثت بوضوح تعزيز الجهود المبذولة على كافة المستويات لتطويق خطر الوجود الحوثي في اليمن، لاسيما بعد قيام المليشيات الحوثية بعمليات إرهابية شكلت تهديداً مباشراً لمصادر الطاقة وإمداداتها، باعتبار أن أهم أهداف الجولة تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
ومن دلالات أهمية جولة ولي العهد الإقليمية أنها جاءت قبل أقل من شهر على عقد قمة جدة المنتظرة يوم 16 يوليو المقبل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتضم قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث يأتي تنسيق المواقف العربية حيال القضايا الإقليمية والدولية في صلب هذه الجولة، كما جاءت زيارات سمو ولي العهد إلى الدول الثلاث في توقيت مهم جداً حيث تشهد المنطقة ظروفاً وتحديات سياسية استثنائية على خلفية الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على مختلف دول العالم.
هكذا كانت جولة سمو ولي العهد ضمن سياسة المملكة العربية السعودية الرامية إلى الإسهام في حفظ الأمن والسلام الدوليين والعمل على استقرار دول المنطقة وتعزيز اقتصادها في الحاضر والمستقبل، وقد حققت الجولة أهدافها وأثمرت العديد من النتائج الإيجابية ليس على الصعيد الداخلي وحسب بل أيضاً على الصعيد الإقليمي والدولي.