سلمان محمد البحيري
الأدب بمعنى عام هو أحد أشكال التعبير الإنساني عن عواطف الإنسان وأفكاره وتجاربه وخواطره وهواجسه بأرقى الأساليب الكتابية، الأدب هو علم لتوظيف اللغة كوسيلة لتفسير تفكير الإنسان ووجوده، وثقافته ويدخل الأدب في مجالات متعدّدة مثل التاريخ، والفلسفة، وعلم الاجتماع، وعلم النفس وتطوير الذات وجغرافيا التاريخ والخيال العلمي والفلك والجيولوجيا وعلم الاقتصاد والدين، إلخ.. فهو علم شامل وليس كما يعتقد البعض بأن من يكتب في الأدب معناه أنه يعيش حياة منفلتة, أو يعيش حياة مخملية’ أو أنه مجال للتسلية, ومن كتبه فهو كان حائراً ويقضي وقت فراغه في ثرثرة وهذيان, وهذا مفهوم خاطئ, وهناك فريق آخر يعتقد بأن الأدب لا فائدة منه لأنه ليس بعلم، كما يعتقد طرف آخر أكثر تشدداً بأنه فن يدعو للمجون والشهوات، بل إن غالب من كتبه هو من كان يشعر بالمعاناة أو أنه كان قريباً من الناس ويتلمس معاناتهم في الحياة والأدب ليس عبثاً أو هذياناً أو مضيعة للوقت, بل إن الأدب مرآة الشعوب ويحمل في طياته زبدة العلوم وفلسفة الحياة فهو يؤسس للمعايير الأخلاقية والاجتماعية والمادية, فيوسع أفق القراء نحو عوالم وحيوات رحبة، لذلك كلنا مدينون لمن قد كتب أدباً جيداً لذلك لم تقلل السينما من قيمة الأدب لأنه يحمل أفكاراً ورؤى للمتلقين وخاصة فئة الشباب قليلي الصبر والخبرة في الحياة، أو الذين لم تسنح لهم الفرصة بأن يتعلموا القدر الكافي, وما يجعل الأدب عملاً عظيماً وخالداً هو في قدرته على القبض على اللحظات الخالدة من حياة الإنسان. لأن صانعي الأدب قد رزقهم الله بنقاء وإحساس مرهف وبموهبة الأدب وشعروا بمتعة في التأمل في هذه الحياة والكون ولديهم رؤى أبعد وأشمل ولديهم القدرة على سبر الإحساس المرهف والعميق عن تجارب حياتهم وحياة الآخرين في كيفية التعامل مع العتمة بهذا العالم، وعن كيفية التعامل مع نفق هذا العالم المظلم لترى النور في آخر النفق حيث العالم الرحب في الجهة الأخرى لكي تخرج بأقل خسائر ممكنة وتستمع حواسك بالنكهة الجميلة للحياة، عن طريق الإيمان والأمل والتفاؤل والتأمل والصبر والتسامح والحب في الحياة مهما واجهت من مصاعب ومحن، ولتشعر بنبضات قلبك تخفق بدون كبت و بدون أن تتعرض مشاعرك للتلف أو الموت ولكي يجعلك الأدباء تشعر بقيمتك كإنسان تمر أحياناً بلحظات ضعف وقوة وألم وأمل ومحنة ومنحة ويتعاطفون معك في كل الحالات ولكي يرشدوك للطريق الصحيح وكيفترى الحياة من خلال منظارهم ويكفونك عناء المرور بمستنقعات الحياة الضحلة أو الطرق الوعرة في هذا العالم، فالأديب يشبه الطبيب النفسي ولكن الأديب يعطيك العلاج بدون دواء أو مهدئات كيميائية ومن هنا كانت أهمية الأدب لأنه يجعلك مستمتعاً مؤمناً بالله ثم بذاتك وصابراً ومستمتعاً بحياتك وكيف تسعد نفسك بنفسك وكيفية التعامل مع محيطك ومجتمعك والعالم كي تكون مرتاح البال لأنه يلامس جروحك في الأعماق ويداويها.