«الجزيرة» - الثقافية:
صدر حديثًا كتاب «المقدّمات الحجاجيَّة.. تقنيات الخطاب وأنواع الحجج»، للباحثة أسماء بنت نايف المطيري، عن دار ملامح للنشر والتوزيع- دبي، ويمثل الكتاب دراسة حجاجية ضمن أحد مدارس الحجاج ممثلةً في البلاغة الجديدة عند بيرلمان وتيتكاه، مستندة إلى منطلقات معرفية ونظرية منهجية في إمكانية تطبيق التحليل البلاغي الجديد على نص بيني موسوعي تراثي، ومدى قدرته على إنتاج خطاب موازٍ ديني وفلسفي وثقافي فاعل، متخذة من الحوار والمفاخرة المثقفة منطلقًا للدراسة، آخذين في الاعتبار أن المحاورات ضرب من الجدل والمنطق اشتهرت في العصر العباسي ومابعده.
تهدف الدراسة إلى حصر المقدمات الحجاجية كالحقائق والوقائع والمواضع والافتراضات وأنواع الحجج كالشاهد والتمثيل والترميز والقيمة والسلطة. خالصةً من دراستها إلى جملة من النتائج، من أبرزها: إنَّ بحثًا في المفاخرات الخيالية كان من البدهيّ أن يحيل إلى أنّ اللغة في هذا الكتاب كانت بدْعًا وعدولًا فنيًّا رائعًا عن ألوان المفاخرات ذات الطابع الجاهلي، كمفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء وهي تقترب من مفاخرات ما بعد القرن الثاني للهجرة، ولعلَّ أشهر من كتب هذا النمط الجاحظ والسيوطي وابن طيفور.
كما أنَّ أحاديث الكائنات في الطبيعة وتعبيرها عن الإعجاب بجمالها ووظائف أعضائها وأصواتها وتناغمها مع الأكوان المحيطة بها ينسجمُ مع إعمال العقل والاقتناع باستعمال الفكر لا التلقي والتلقين وكذا التأمل لا التجريد؛ لذلك انبنت على حقائق ثابتة علميًّا وفلسفيًّا بالاستناد إلى اللغة والمرجعيات الثقافية. مذيلةً كتابها بتوصيات عدة، منها:
أوّلًا: البحث في الفكر الإسلامي ذي القيمة الرمزية بمختلف مشاربه الأصولية والمعرفية، من زاوية الحجاج، وإجلاء المغالطات الحجاجية الكائنة فيه، وبرهنة صحتها؛ من حيث كونها خطابًا إنسانيًّا يُبثُّ فيه المنطق الفرداني أحيانًا عبر أفيون الشعوب؛ لما له من خطورة بالغة الأهميَّة في تصفية المشكلات الاجتماعية، والأخلاقية، والدينية المتجذرة في العقل العربي، واستمالة المتلقي بالمسلمات استمالةً تبعية يصعب الحيلولة بين حبائلها، ويمكن تطبيق ذلك في خطاب الجماعات المتطرفة حاليًّا باستعمال آليَّات الأصول والمنطق والإدراك والقياس.
ثانيًا: العناية بدراسة الخطاب الجمالي المخاتل، كإسترايجية إقناعية في الدرس الحجاجي والكشف عن المعاني والمواضع الحجاجية المواربة فيه.
ثالثًا: دراسة المقدمات الحجاجية في تأريخ الأدب العربي، من حقائق ووقائع، دراسة سردية تواصلية، وفق تقنيات الخطاب المختلفة، وإبراز وجهات النظر النقدية والمنطقية بالتحليل والنتائج.
رابعًا: رصد الأشكال الحجاجية في الروايات والقصص والدواوين وغربلة المسلمات والبراهين والتقاط الاستدلالات من خلال تقنيات اللغة في خطابٍ موازٍ للنصوص الأدبية نفسَها (النقد ونقد النقد).
ومما يجدر ذكره أنّ هذا الكتاب في أصله أطروحة ماجستير تحصلت بها الطالبة على درجة ??%? وتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى وإيصاء اللجنة العلمية بطباعتها وتداولها. هذا الكتاب ظهر بشكل معفى من التقاليد الأكاديمية والاستزادات المعجمية؛ ليتناسب مع كافة القراء ولتكون مادة سهلة ماتعة للمتصفحين.