«أحلامنا ليست ما يتمنّاها لنا الآخرون، وإنّما صناعتنا نحن، أفعالنا نحن. أما أمنيات الآخرين بالنسبة لنا؛ فمجرد وقود يتدفؤون به إن تحققت! وقود نحن من يحترق به عناءً وسهرًا وصبرًا في سبيل تحقيقها»
في هذه الرواية السردية والصادرة من دار تشكيل للكاتب الروائي والصحفي:
جابر محمد مدخلي الذي يرسم بريشته النازفة أحلام مصادرة، إلى غيب مجهول وأرواح تئن في عالم مخيف لا يستوعبه التخيل ولا الحكايات.
أجسادٌ تُباع وتُشترى كسلعة رخيصة ثمنها الخوف والضياع والعالم المجهول وضبابية الاستيعاب..
أجسادٌ تساق كقطيع لا يفقه الأسباب، يلوك العذاب بطول الليالي العقيمة إلا من نظرة شريرة ورغبة حيوانية ونزوة لا تعرف الاستقامة ولا باب التوبة وأيام تنجب المصائب والمكائد والبؤس واليأس تأمر بالسمع والطاعة والصمت والوفاء وهم منبع القذارة والخيانة والجحود والكفر
أصواتنا خرساء «بكائي الذي تجفف»
وأجسادنا مباحة «صراخي الذي تبدد»
وعقيدتنا مرفوضة «ذهولي الذي تراكم»
وإنسانية مذبوحة تحت بند الجشع ولذة الملك والإرهاب،
تركع الرؤوس ذلاً ورعباً دون مقاومة حتى تنبت في الروح سكاكين لا تنحني وصراخ لا يهدأ..
عالمٌ في الوهلة الأولى تعتقد أنك أمام فيلم سينمائي مرعب ودرامي، يحبس الأنفاس وقلبك يتمتم الحمد لله أنني لست ذلك الطفل»جيلان»
ولا تلك الأنثى الهادئة المعلمة الخالدة»رانية «التي جعلت من سجنها حرية فكر ومن ثقافتها نور وإصرار في صدر»جيلان»
الحمد لله لست»الأم رحمة» التي ضاعت أعوامها في السمع والطاعة والوفاء كحيلة حياة وسياسة ثقة، ولست»سولاف» الوردة اليانعة والفتاة الحالمة التي لا تعلم ما هي الحياة خارج أسوار الحوش اللعين
يا الله كيف انتفضت الروح في بعض المشاهد
وكيف اشمأزت النفس من تخيل شعورهم
في هذا العالم المقيت الذي يتوضأ الشيطان من أكاذيبهم ويغتسل من أفكارهم ويتبرأ من جرائمهم.
وربما هم من يوسوس للشيطان ويمدون عقله بأفكارهم اللعينة.
هؤلاء الشرذمة الشياطين الذين تبرأت منهم الإنسانية
ملحدين بأفكارهم ، كافرين بدينهم ، متبرئين من الشعور والعاطفة والشفقة
خلقت عيونهم من زجاج
وقلوبهم من حديد لا يصدأ
استباحوا أحلام الأطفال والفقراء
تلاعبوا بالقيم والدين
وصنعوا من بكاء المساكين أغنية
ومن أعضائهم المسروقة لعبة لأطفالهم
ابتسامتهم مكر وتخطيط
ونظرتهم رغبة محرمة
وحديثهم كذب وافتراء
يعيشون كالملوك في جنة الحياة ،
ويتبرعون بالفردوس وهم لا يملكون جنة ولا نار
وهؤلاء المدفونون في سرداب القذارة النائمون على صفيح من لهب لم يتذوق واحد منهم من أطراف الحياة ما تأكله البهائم ،
وليتهم كانوا بهائم حتى لا يصابون بالجنون
ولا تميتهم الأفكار والتساؤلات وانتظار بقايا من وهم الأمل والفرج
سرد طويل في دهاليز أحواش عديدة
وحديث نفس يتساقط من وهن الأرواح
وأشباه الأجساد الموشومة بالضرب والشتم والرغبات السيئة
رواية طويلة تبلغ عدد صفحاتها (377) صفحة
تعيش خلالها بمشاعر تشهق ،وحزن يرافقك من الصفحة الأولى حتى نقطة النهاية بين يأس
واقتراب الأمل وبين رعب وارتباك وبين شوق معلق على حبل القدر
طفل مخلوق من طينة الحب
رضع الحنان والبراءة والصبر
أحلامه بسيطة وأمنياته غرة ونقية
لم تكتمل طفولته المسروقة
طفل وإن أصبح رجل كيف ينسى كهولة أيامه
ونار ابتعاده وفقدانه لأسباب الحياة
طفل التاسعة قهرًا تشوهت روحه قبل جسده
وذكرياته صور لأبشع الأفعال وإن اغتسل ألف مرة.
مازلت رائحة اقترابهم في أنفاسه ولعاب نزواتهم وشذوذهم يقطر كبركان يحرق منامه ويقظته
حتى لم يبقَ من ملامح النقاء والطهر بياضٌ ولا أمان.
«عرفت فيما بعد وأنا استرجع تلك اللحظات أني قصة ألم كتبها (حوش عباس)
ووقّع عليها كهل أبرص، ونفذها أخي ورفاقه المولودون من مارج من نار»
رواية تشرح ما وراء الأحداث الفاسدة
وما تخبئه المكائد من تخريب الأوطان وإفساد الفكر والمذهب والتجارة بالإنسان بحجة الأهداف المزيفة لصناعة عقل مدمر يفسد العالم وينخر الأرواح البريئة،
رواية تكشف ما لم يفهمه الإنسان العادي من سياسة طاغية وأنانية الذات ذات أنياب تفترس الخير في القلوب الطيبة.
فهل ينتصر الخير؟
أم تتسلق الصدمة حين يكون الغدر من دم يجري في العروق المشوهة البارزة الصارخة بـ(أأخ)
** **
- نسيم منور