كل شيء لم نمر بهِ نفشل في وصفه أو حتى شرح جزء بسيط من تفاصيله.
أنا لا أعرف طعم البحر لأنني لم أجرب أن أغرق حتى وإن عرفتُ أنه مالح .. كيف هو مدى الملح في لساني
ولا أعرف وصف الجناحين لأنني لم أحلق من قبل حتى وإن كنت قد رأيتها من عين أحدهم فأنا لن أستطيع وصفها لك من داخلي ..
كل الأشياء التي لم تعشها لن تحقق وصفها حتى وإن كانت معلوماتك عنها كافية تبقى كفاية الشعور أهم من ذلك بكثير ..
لكنني دائماً أتساءل تُرى ما لون العطش؟!
كل العطش الذي توارد إلى ذهنك أثناء السؤال صحيح .. قد أصف لك عطش الشعور عطش الأمان عطش الثقة عطش كل شيء تفتقده .
وقد يكون فقد الأمان في عيني مختلفاً عن فقده في عينك لا يمكن أن نصفه بنفس الشعور والمصداقية لايمكن أن نتطابق ..
أقراط عُلِّقت نجمتاها على أطراف عنقي..
مسافة طويلة بينها وبين كتفي المنهك..
وأحداث كثيرة وقعت على ساحته الطويلة
فعلى امتداده أُقيمت حفلات البكاء وكتبت عليه مخالب القهر وعلامات الوجع ..وطبطبت عليه القُبلات أخيراً ..!
مسافة عُنقي التي تحب ليست كما تعتقد ففي آخر كل جهة منه قصة مختلفة ..
طالما خنقتُ ذاتي وجمعتهُ في يدي حتى لا أصرخ .
وطالما حاولت أن أضيع أوجاعه «بأقراط « تداعب
لمعته .. وأقول علّها تجمل الخراب الذي حاول الزمن أن ينقضه ..
على الرغم من كل المستحيلات التي تجعلني أتضور صبراً وكل المقترحات والمتوقعات التي ممكن أن تكون مستقبلاً ..والحزن الذي يكمن في قاع قلبي كلما نظرتُ للسماء التي أراها أقرب لي من حصولك
إلا أنني لو عدتُ لاخترتك بكل هذه التوقعات والصبر والحزن المكنون ..
هذا ونحن لانختارُ نحب ما يختار لنا ..
هل لأن الله ألطف منا بنا
أم لأن ما اختاره لنا هو مايناسبنا حقاً رغم وضوح استحالته ..
قد يبدو لكم هذا النصُ يائساً؛ لكنه من النصوص الأنيقة التي كانت في جعبتي ..
لقد وصفتُ به عنقي وشموس أقراطه الذي طالما نظرتُ له في المرآة بعد كل عاصفة مؤلمة من البكاء وأشباه الاختناق ..
كنت أردد دائماً كيف عليّ وصفه وهو يتنفس .
لم يخطر في بالي بأن أسدل شعري عليه حتى أغطيه
كرهت فكرة أن يكون عنقك مجدولاً مع شعرك
مع حاجتي الماسة لستائر شعري حتى لا يتضح .
دائماً كنت أراه جديراً بالنهار ولفحات العطر .
دائماً كنت أشعر بأن الأقراط التي تدلَّت على خاصرته كفيلة بضياع وجعه في أعين الناس وهذا ما حدث ..
جميعهم نظروا لها عداك ..
نظرت إليه ثم حاولت لملمة جوارحه وفككت أصابع الزمن من عليه واحداً تلو الآخر ..ثم داويته .
هل عرفتم لون العطش الذي أقصده ؟!
هو عطش الانتباه ..ذلك الذي يجعلك مهماً ومميزاً وحريصاً أن تكون في كامل حُلتك وحُليك ..
ومن انتباهك وحتى اليوم لم أرَ في عينيك لمعة أقراطي أبداً بقدر ما أرى لمعة عُنقي فيها وأنت في أشد الانتباه وكأنك تقول ..
كل شيءٍ على مايرام أنتِ اليوم لاتشعرين بالاختناق وأنا أردد في داخلي ..
لايتنفس عُنق خُنق من حياة حتى ولو تدلت فوقه « الأقراط « !!
** **
- شروق سعد العبدان