سهوب بغدادي
انتشرت المسميات وتعددت حول أنواع الزواج المتواجدة في المجتمعات المسلمة -للأسف- ما بين المسفار والمسيار والعرفي وغير المعلن من طرف واحد أو كلاهما، وصولاً إلى الزواج غير الموثق! إن الزواج الصحيح واضح الأركان والشروط وخالٍ من الريبة والخوف والتوجس والتدليس وما إلى ذلك من الممارسات السلبية التي ارتبطت بالزواج في العصر الحديث عصر السرعة، خلال الشهر الماضي تدارسنا على مدار ثلاثة أسابيع في محاضرات ممتدة أسباب عزوف الشباب والشابات عن الزواج، ويمكنكم الرجوع إلى المقال في صحيفة الجزيرة تحت عنوان «هل نتزوج أم لا» وتعددت أسباب ومخاوف الفتيات في حين لم يوضح الشباب سبب العزوف بشكل مقنع في ظل اقتناع ودعم المرأة له في كافة المواطن وخاصة المادية بحسب خوفهم الأكبر، فلا أنسى تلك الفتاة السعودية الكفؤة التي تداخلت قائلة لتنفي ما قاله الشباب عن طمع المرأة ومبالغتها في التكاليف قائلة، لقد تزوجت دون مهر ورفض الشيخ أن يعقد لنا سوى بكتابة مبلغ، فكتب مهرها 300 ريال فقط لاغير وهو قيمة الخاتم الذي أهداه لها خطيبها «بيض الله وجهها» لكم أن تتخيلوا الصمت السرمدي الذي حل في غرفة الحوار، والأدهى من ذلك أنه طلقها بعد عام من الزواج، لتنهال على تلك الطيبة سيول الملامة وعبارات الحسرة والندامة «أنت أرخصتي نفسك، وأنت تنازلتي عن حقك» ذكرت ريم أنها لو عاد بها الزمن لكانت فعلت ما فعلت مراراً لأنها مقتنعة بشكل تام أنها تبحث عن قلب وشريك -أسال الله لها الجبر والعوض الجميل- من ناحية متصلة، قد يكون عزوف الشباب عن الزواج ليس حقيقياً بالنسبة للأرقام الواردة من الجهات المعنية بالظاهرة، إذ أن عملية عدم توثيق عقد النكاح يؤدي إلى إحصائيات ومحصلة مغايرة للمتواجد على أرض الواقع، بغض النظر عن كونه عقداً وزواجاً مكتمل الشروط والأركان، فلا يصح أن يُهمل هذا التوثيق، ففيه مضيعة الحقوق ووقوع الشك والريبة، وفتح مجالات التدليس والخداع والغش سواء من طرف الرجل الذي قد يختفي من الصورة فجأة, أو بتلاعب المرأة على أكثر من رجل في آن واحد بهدف الكسب, وتلك وصمات ضعاف النفوس والعياذ بالله.
الجدير بالذكر أن الزواج دون توثيق يطلق عليه في الدول المغاربية, وبعض الدول الأوروبية التي تحتضن الجاليات المسلمة بـ»زواج الفاتحة» وتختلف المسميات كما قلنا سابقاً والخطأ واحد، فأي شيء دخله التلاعب يعد سلبياً فقد تلجأ بعض المطلقات إلى عدم توثيق عقد النكاح عندما تقترن برجل آخر حتى تستفيد من الضمان أو منح الإسكان, فمن المعروف أن المرأة المطلقة تستحق دعماً سكنياً بعد مضي عامين على الطلاق، فلنتفكر في ذلك! والأسوأ من هذا إهدار الأمانة من قبل عاقد النكاح المأذون غير الشرعي «الشيخ اللي يضبطك» مقابل ما سيأخذ لتحقيق رغبات المريدين، صحيح أن العقد صحيح شرعاً ولكن الشرع يحث على طاعة ولي الأمر والتقيد بالمصلحة العامة والقانون, فإن كانت الدولة سنت قوانين تنظيمية متداخلة في النطاق الشرعي فيجب اتباعها، لذا يعد فرض غرامات على المتورطين في مثل هذه الممارسات أمراً في غاية الأهمية سواء كان المأذون أم طالب العقد غير الموثق، كما يستحسن تخصيص رقم هاتف أو وسيلة للإبلاغ على منصة وزارة العدل والجهات المعنية لاستقبال البلاغات على من يمارس المهنة حسب أهوائه.