وهذا سبيل العالمين جميعهم
فما الناس إلا راحلٌ بعد راحل
أَطَلّ على الدنيا مولوداً في حريملاء عام 1363هـ، ونشأ بين أحضان والديه مع شقيقه عبدالله، وأخواته، ومع لداته ورفاقه يقضون سحابة يومهم في مرح ومسرات..، وعندما بلغ السن النظامي 1373هـ، ألحقه والده في المدرسة الابتدائية، وبعد حصوله على الشهادة منها عام 1380هـ، التحق بمعهد المعلمين بحريملاء، الذي كنتُ مديراً له مع إشرافي على المرحلة الابتدائية - آنذاك - فتخرج بتفوق، وذلك في عام 1383هـ، ثم عُين مدرساً في الرياض وكان محبوباً لدى زملائه وطلابه..، لما يتحلى به من خلق كريم وأدب جمّ رفيع، حاثاً التلاميذ على الجد والإنصات على ما يلقيه معلموهم من توجيهات أبوية، ومحذرين لهم في الابتعاد عن السفهاء وقرناء السوء كي يسعدوا في حياتهم، ولقد أجاد الشاعر القائل:
وَلا تَركن إِلى أَهلِ الدَنايا
فَإِنَّ خَلائِقَ السُفَهاءِ تُعدي
وفي أثناء عمله في حقل التعليم التحق بالمتوسطة الليلية مواصلاً بالمرحلة الثانوية الليلية، وفي عام 1393هـ، التحق بمركز الدراسات التكميلية، حيث تخرج منه عام 1395هـ، ثم انتقل إلى العمل الإداري في إدارة التعليم بمنطقة الرياض في قسم رعاية الشباب وبيت الطلبة، ثم عاد إلى التدريس في عام 1402هـ، واستمر فيه إلى أن أخلد إلى الراحة مُتقاعداً عام 1420هـ، حميدة أيامه ولياليه، وقضى مدة من حياته في الأعمال الحرة والإشراف على المباني والفلل، وكان فيها مثالاً على الأمانة وحسن العمل، وتميز بالسماحة وطيب المعشر، كما كان باراً بوالديه وواصلاً لرحمه، مُلازماً لوالده - الذي فقد بصره مُبكراً..- يأخذه بيده إلى المسجد في الصلوات الخمس في حريملاء، وكذلك بعد انتقالهم إلى الرياض وحتى وفاة والده عام 1416هـ.
وكان «أبا خالد» - رحمه الله - شديد الحرص بالمواظبة على صلاة الجماعة، وقد تولى الآذان في مسجد بحي التعاون في الرياض أكثر من عشر سنوات، مع ملازمته تلاوة القرآن الكريم. كما أن صلته بشقيقه عبدالله كانت مضرب المثل؛ فقد عاشا مدة من الزمن في بيت واحد والمال واحد بينهما، ولم يفترقا إلا بعد ما كبر الأبناء، فسكنا في بيتين متجاورين مدة طويلة. وفي آخر عمره ابتُلِيَ بالمرض وذلك قبل وفاته بسبع سنوات، فقضى آخرها في العناية المركزة، نرجو أن يكون ذلك تكفيراً وطهوراً له، وفي يوم الثلاثاء1443/11/15هـ، انتقل إلى رحمة الله، وصُلِيَّ عليه عصر يوم الأربعاء في جامع البابطين، ثم وُورِيَ جثمانه الطاهر في مقبرة شمال الرياض.
تغمد الله الفقيد «أبا خالد» بواسع رحمته ومغفرته، وألهم أسرته وشقيقته «أم عبدالعزيز» وعقيلته ومحبيه، وكافة أسرة الباتلي الصبر والسلوان.
وَإِنَّما المَرءُ حَديثٌ بَعدَهُ
فَكُن حَديثاً حَسَناً لِمَن وَعى
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف